أَطْلُبُهُ حَتَّى أُبْلِيَ[1] إِلَى اللَّهِ عُذْراً فَاكْتَرَيْتُ الْأَعْرَابَ فِي طَلَبِهِ وَ جَعَلْتُ لِمَنْ جَاءَ بِهِ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ هِيَ دِيَتُهُ فَانْطَلَقَ الْأَعْرَابُ فِي طَلَبِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ أَتَانِي الْقَوْمُ آيِسُونَ[2] مِنْهُ.
فَقَالُوا لِي يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا نَرَى صَاحِبَكَ إِلَّا وَ قَدِ اخْتُطِفَ[3] إِنَّ هَذِهِ بِلَادٌ مَحْضُورَةٌ[4] فُقِدَ فِيهَا غَيْرُ وَاحِدٍ وَ نَحْنُ نَرَى لَكَ أَنْ تَرْتَحِلَ مِنْهَا.
فَلَمَّا قَالُوا لِي هَذِهِ الْمَقَالَةَ ارْتَحَلْتُ حَتَّى قَدِمْنَا الْكُوفَةَ وَ أَخْبَرْتُ أَهْلَهُ بِقِصَّتِهِ وَ خَرَجْتُ مِنْ قَابِلٍ[5] حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع. فَقَالَ لِي يَا شُعَيْبُ أَ لَمْ آمُرْكَ أَنْ تَسْتَوْصِيَ بِأَبِي مُوسَى النَّبَّالِ خَيْراً قُلْتُ بَلَى وَ لَكِنْ لَمْ أَذْهَبْ حَيْثُ ذَهَبْتَ[6].
فَقَالَ رَحِمَ اللَّهُ أَبَا مُوسَى لَوْ رَأَيْتَ مَنَازِلَ أَبِي مُوسَى فِي الْجَنَّةِ لَأَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَكَ ثُمَّ قَالَ كَانَتْ لِأَبِي مُوسَى دَرَجَةٌ عِنْدَ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ يَنَالُهَا إِلَّا بِالَّذِي ابْتُلِيَ بِهِ[7].
35- وَ مِنْهَا:
أَنَّ أَبَا بَصِيرٍ قَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَ أَنَا أُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع شَيْئاً مِنْ دَلَالَةٍ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَا كَانَ لَكَ فِيمَا كُنْتَ فِيهِ شُغُلٌ تَدْخُلُ عَلَى
[1] أبلى فلانا عذره: قدمه له، فقبله. بين له وجه العذر ليزيل عنه اللوم.
[2]« و أيسوا» البحار.
[3] أي اختطفه الجن و الشياطين( قاله المجلسيّ).
[4] أي تحضرها الجن و الشياطين، يقال: مكان محتضر و محضور أي تحضره الشياطين.
و يحتمل- على بعد- أن يكون المراد اختطاف السبع، و في بعض النسخ[- م-] محصورة- بالصاد المهملة- أى بلاد معلومة قليلة، سرنا فيها فلم نجده، و الأول أظهر.
[5] القابل: اسم للعام الذي بعد العام الحاضر.
[6]« و لكن ذهب حيث ذهب» ه، البحار.
[7] عنه البحار: 47/ 105 ح 133.