(قوله أعلى اللّه مقامه): على
أن حجية المتعارض من دون علاج و كون التخيير يجوز البناء عليه كما أشير اليه و كون
المستند مادل عليه، دور.
المراد
أنه بعد كون أخبار التراجيح متعارضة في نفسها فحجيتها من دون علاج و البناء على
التخيير فيها لما دل منها عليه دور ظاهر اذ هو فرع القول بحجية كلا المتعارضين، و
جواز البناء فيهما على التخيير من أول الأمر و قبل ملاحظة التراجيح، فلا يمكن
الاستدلال على جواز التخيير باخباره لكونها معارضة أيضا بالأخبار الدالة على
اعتبار التراجيح و ملاحظتها، و لزوم تقديمها، فهي من المسألة و من موضوعها الذي هو
محل الكلام، فيكون حاصل الدور أن جواز العمل بكل من المتعارضين موقوف على جواز
العمل باخبار التخيير. و جواز العمل باخبار التخيير ابتداء موقوف على جواز العمل
بكل من المتعارضين من دون نظر الى الترجيح، و هو- كما ترى- دور واضح ضروري
الامتناع، إذ محصله و مرجعه الى توقف الشىء على نفسه كما هو الشأن في كل دور
يفرض، و لكن لا يخفى أن التعارض بين ما دل على التخيير و ما دل على الترجيح من
أخباره إنما هو من باب الإطلاق و التقييد، و اللازم هو الجمع بالحمل و التقييد،
فيكون الواجب في المتعارضين هو الترجيح، إذ هو الحاصل بعد التقييد، لا التخيير
المدعى للخصم، و حينئذ فكان اللائق و المناسب في الجواب إنما هو بهذا لا بالدور،
إذ لا محل له كما هو واضح، نعم لو كان التعارض من باب التباين، او العموم من وجه،
و قلنا بجريان باب الترجيح فيه أيضا كما هو أحد الوجهين، بل و أقربهما، كان للدور
محل، و اللّه أعلم.