(قوله أعلى اللّه مقامه) لما
زعموا من قطعية صدور الأحاديث.
لا
يحفى أن دعوى قطعية صدور الأحاديث واضحة الفساد، إن كان المراد ما هو المنصرف و
المتبادر من القطع الذي هو اليقين الجازم المانع من النقيض، لكثرة الدواعي و
الأسباب المانعة من حصوله لاحتمال الخطأ و الغفلة و النسيان، بل و تعمد الكذب في
أصل كتابة الأخبار، بل و فيما بعد ذلك في كل عصر و زمان، مضافا إلى احتمال الدّس
في تلك الأعصار السابقة، بل و في كل عصر و زمان من أهل الضلال و العناد المتصدين
لذلك، و خصوصا في أعصار الأئمة- عليهم السلام- كما دلت عليه جملة من الأخبار، ففي
النبوي المعروف (ستكثر بعدي القالة علي) و في المروي عن الصادق- عليه السلام- (إن
لكل رجل منّا رجلا يكذب عليه) و في آخر عنه- عليه السلام- «إنا أهل بيت صادقون لا
نخلو من كذاب يكذب علينا فيسقط صدقنا بكذبه» و في آخر:
«إن
المغيرة بن سعيد- لعنه اللّه- دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي، فاتقوا
اللّه تعالى، و لا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا و سنة نبينا- صلى اللّه عليه و
آله و سلم»[1].
و
عن يونس أنه قال: «وافيت العراق فوجدت قطعة من أصحاب أبي جعفر- عليه السلام- و
أصحاب أبي عبد اللّه- عليه السلام- متوافرين فسمعت منهم و أخذت كتبهم و عرضتها من
بعد على أبي الحسن الرضا
[1] راجع: رجال الكشي( ص 195) طبع النجف الأشرف في
ترجمة المغيرة بن سعيد.( المحقق)