ومن مثال الحجّ يظهر أنّه وهو
واجب واحد يكون واجباً مشروطاً بالقياس إلى شيء وواجباً مطلقاً بالقياس إلى شيء
آخر، فالمشروط والمطلق أمران إضافيان.
ثمّ اعلم أنّ كلّ واجب هو واجب مشروط بالقياس إلى الشرائط
العامّة، وهي البلوغ والقدرة والعقل، فالصبي والعاجز والمجنون لا يكلّفون بشيء في
الواقع.
وأمّا
العلم، فقد قيل إنّه من الشروط العامّة(1)، والحقّ أنّه ليس شرطاً في
الوجوب، ولا في غيره من الأحكام، بل التكاليف الواقعية مشتركة بين العالم والجاهل
على حدّ سواء (2)، نعم العلم شرط في استحقاق العقاب على مخالفة التكليف(3)
على تفصيل يأتي في مباحث الحجّة وغيرها(4) إن شاء الله تعالى وليس هذا
موضعه.
1)
اختار هذا القول الأشاعرة، فخصّوا التكاليف بالعالمين بها، أمّا غير العالم فلا
يكون مكلّفاً من قِبَل الله تعالى في اللوح المحفوظ.
2)
اختار هذا القول مشهور علماء الإماميّة، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى.
3) وهذا
ما اصطلحوا عليه بشرط تنجّز التكليف، بمعنى أن يكون الوجوب والواجب كلاهما فعليّين
في حقّ المكلّف.