ومثال الوضع النوعي الهيئات، فإنّ الهيئة غير قابلة للتصوّر بنفسها(1)، بل إنّما يصح تصوّرها في مادّة من موادّ اللفظ، كهيئة كلمة «ضَرَبَ» مثلاً وهي هيئة الفعل الماضي، فإنّ تصوّرها لا بدّ أن يكون في ضمن «الضاد والراء والباء» أو في ضمن «الفاء والعين واللام» في «فَعَلَ»، ولمّا كانت الموادّ غير محصورة ولا يمكن تصوّر جميعها(2) فلا بدّ من الإشارة إلى أفرادها بعنوان عامّ، فيضع كلّ هيئة تكون على زِنِة «فَعَلَ» مثلاً أو زِنِة «فَاعِلٌ» أو غيرهما ويتوصّل إلى تصوّر ذلك العامّ بوجود الهيئة في إحدى الموادّ(3) كمادّة «فِعْلٍ»

ـ

1) وذلك لاستحالة وجود الهيئة من دون المادّة؛ لأنّ الهيئة لا وجود مستقلّاً لها، بل أساس وجودها يكون مندمجاً في الغير، شأنها شأن النسبة كما تقدّم.

2) لأنّ الواضع لا يستطيع أن يضع لكلّ مادّة من تلك المواد غير المنحصرة هيأة لوحدها؛ لعدم إحاطته بتلك المواد.

تنبيه: دعوى المصنّف ; عدم إمكان وضع هيئة لكلّ مادّة لا تخلو من مسامحة؛ لاستطاعة الواضع بأن يضع لكلّ مادّة هيئة خاصّة كما هو الحال في وضع الموادّ، فإنّ الواضع قد وضع كلّ مادة لوحدها، خصوصاً أنّ الوضع عمليّة تدريجية غير منحصرة بواضع معيّن، فيسهل وضع هيئة مع كلّ مادّة. فالأحرى أن نقول بأنّ الواضع لا يرى من الضرورة وضع هيئة لكلّ مادّة من المواد مع إمكان وضعه هيئة عامّة تشمل جميع تلك المواد.

3) فإنّ الواضع لم يتصوّر لفظ »ضَرَبَ« مثلاً، بل تصوّر كليّ هيئة ضَرَبَ،