قد عرفت
في المبحث الرابع أنّه لا بدّ في الوضع من تصوّر اللفظ والمعنى، وعرفت هناك أنّ
المعنى تارة يتصوّره الواضع بنفسه وأُخرى بوجهه وعنوانه، فاعرف هنا أنّ اللفظ أيضاً
كذلك ربّما يتصوّره الواضع بنفسه ويضعه للمعنى كما هو الغالب في الألفاظ فيسمّى
الوضع حينئذ »شخصيّاً«، وربّما يتصوّره بوجهه وعنوانه فيسمّى الوضع »نوعيّاً«(1).
1) إنّ
تصوّر اللفظ كتصوّر المعنى يكون على قسمين أيضاً:
القسم الأوّل:
تصوّر اللفظ بنفسه، بأن يتصوّر الواضع نفس اللفظ
الذي يُريد وضعه على المعنى، ومثال ذلك تصوّر الواضع لفظ »علي« أعني: «ع ل ي»، ثمّ وضعه للمولود.
القسم الثاني:
تصوّر اللفظ بوجهه، بأن يتصوّر الواضع كلّي اللفظ الذي يُريد وضعه للمعنى لا نفس
اللفظ، ومثال ذلك كما لو أراد شخص أن يضع لفظ »أحمد« لولده، لكنّه عند الوضع تصوّر كلّي هذا
اللفظ لا نفسه، بأن تصوّر لفظاً مشتقّاً من الحمد، فهو لفظ كليّ يشمل أحمد وحامداً
ومحموداً وحميداً وغيرهم، ثم يختار لفظ «أحمد» ـ الذي هو أحد أفراد هذا الكلّي ـ
فيضعه للمولود الجديد.