وأمّا الروايات،
فمنها مقبولة عمر بن حنظلة: «انظُروا إلى مَن کانَ مِنکُم قد رَوى حَديثَنا وَنَظَرَ في حَلالِنا وَحَرامِنا»[1]، وقوله
عليه السلام: «وأمَّا الحَوادِثُ
الوَاقِعَةُ فارجِعُوا فِيها إلى رُواةِ حَدِيثِنا»[2]، وقوله
عليه السلام: «فَأمَّا
مَن کانَ مِنَ الفُقهاءِ ...» ـ إلى أن قال: «فلِلعَوامِ أن يُقَلِّدُوه»[3].
ولا يخفى عدم دلالة هذه الروايات على لزوم العلم
الفعلي بجميع المسائل، أو جُلِّها، في جواز الفتوى والحکومة؛ لأنّ هذه العناوين ـ أي:
عنوان العالم والعارف والراوي والفقيه وأهل الذکر ـ تصدق على من کان له ملَکة
الاستنباط التامّ؛ بحيث إذا رُجع إليه في مسألةٍ تمکّن من الإتيان بجوابها بمجرّد الرجوع
إلى الأدلّة. کما يصدق النجّار والحدّاد على من له ملَکة هذه الصناعات، ويتمکّن
من صناعة السرير والکرسي بمجرّد أخذ المنشار والاشتغال بالعمل. وکذا يصدق أهل
الذکر والاطّلاع بمطالب کتابٍ، إذا تمکّن من مطالعتها بأخذ النظّارة وجعلها على
عينيه. والمطالب الأُصوليّة وإعمالها في استنباط الأحکام لِمن له ملَکة الاستنباط؛
ليست إلّا بمنزلة جعل النظّارة على العين لمن له التمکّن من قراءة الکتب.
ثمّ
إنّه على تقدير التنزُّل والالتزام بعدم صدق هذه العناوين على من له مجرّد الملَکة
[ولم يشرع فعلًا باستنباط الأحکام][4]، نقول: إنّه لا إشکال في أنّ لزوم کون