وکذا ملَکة استنباط أحکام الحجّ تحصل من استنباط أحکام الصلاة؛ لوضوح اتّحاد هذه الأبواب من حيث الاحتياج إلى الملَکة.

نعم، بالممارسة واستنباط بعض الأبواب رُبّما تشتدّ درجة قوّة الملَکة، لکنّ هذا خارجٌ عن محلّ الکلام؛ لأنّ الکلام في التجزّي والإطلاق، لا في الأعلميّة وغيرها.

التمکّن من استنباط جميع الأحکام بعد حصول ملکة الاجتهاد

وبالجملة، إنّ التأمّل الصادق يقضي بأنّ حصول الملَکة‌ المتوقّفة على تنقيح جميع مباحث الأصول؛ إذا تحقّق فيتمکّن المجتهد من استنباط جميع الأحکام، وإلاّ فلا ‌يتمکّن من استنباط مسألةٍ واحدةٍ؛ لارتباط المباني الأُصوليّة بعضها مع بعض.

وقد تحصَّل ممّا ذکرنا أنّه لا معنى للتجزّي في الاجتهاد؛ سواءً کان التّجزي في الملَکة البسيطة، أم کان التجزّي في مراتب قوّة الملَکة وضعفها، أم کان التجزّي في باب دون باب، وإن کانت الملَکة في هذا الباب بأعلى درجةٍ من القوّة‌.

وقد عرفتَ أنّ الملَکة‌ لا‌ يتوقّف حصولها على الاستنباط، بل لا بدّ للمجتهد وأن‌ يکون ذا ملَکة تامّةٍ في أوّل فرع يريد استنباطه.

أقسام التجزّي عند المحقّق العراقي

هذا؛ واعلم أنّ المحقّق العراقي ـ قدّس سرّه ـ قسّم في «مقالاته» المتجزّي إلى قسمين:

الأوّل: المتجزّي بالنسبة إلى مجموع الأحکام، وهو الذي يتمکّن من استنباط بعض المسائل دون الآخر.

الثاني: المتجزّي بالنسبة إلى حکمٍ واحدٍ، وهذا إنّما يتصوّر فيما إذا کان استنباط الحکم في المسألة ‌متوقّفًا على قواعدَ عديدةٍ يطّلع المجتهد على بعض هذه القواعد دون البواقي، ولذا لا ‌يتمکّن من استنباط هذا الفرع. والمتجزّي بالمعنى الأوّل يصحّ