من الأحکام الثابتة فيه إلّا وتکون الآية الدالّة
عليه ظاهرةً فيه [لا نصًّا][1]و[2]، فإذن نحتاج إلى الأصول العُقلائية من: أصالة
الظهور، وأصالة عدم القرينة، والتمسّک بمقدّمات الحکمة وغيرها. ومع ذلک لا يوجد
في الکتاب إلّا أصول الأحکام، التي يکون العلم بها من الضروريّات التي لا تحتاج
إلى الاکتساب؛ کتشريع أصل الصلاة والصوم والحجّ، وجواز البيع والنکاح والإرث
والطلاق.
وأمّا السنّة، فأسنادها ظنيّةٌ
في الغالب؛ إذ الأخبار القطعيّة السند عندنا أقلّ القليل، مضافًا إلى ظنيّة
دلالتها دائمًا؛ إذ لا يوجد لدينا خبرٌ نصٌّ في المراد لا من النبيّ صلوات الله
عليه، ولا من الأئمّة المعصومين سلام الله عليهم أجمعين؛ لأنّ طريق العلم العادي
من غير نورانيّة النفس وصفاء الباطن ينحصر في التفهيم والتفهّم، ومن المعلوم
أنّهما يمتنعان إلّا بإجراء الأصول العُقلائيّة من: أصالة الظهور وعدم القرينة
وعدم التورية، وما شابهها.
فإذن يمتنع تحصيل العلم
القطعيّ الوجداني من الکلام، حتّى لو فرض أنّ أحدًا سمع من رسول الله صلّى الله
عليه وآله وسلّم أنّ الوصيّة واجبةٌ مثلًا، فبضمّ هذه القرائن العُقلائيّة يُعلم
بوجوبها، فإذا کانت لهذه الأصول مدخليّة في حصول العلم، فالعلم بالأحکام الحاصلة
منها لا يکون علمًا قطعيًّا، بل علمٌ عاديٌّ غير منافٍ لاحتمال الخلاف، فالتّمسک
بجميع هذه الأصول العُقلائيّة ممّا لا بدّ منه، وإلّا لانسدّ باب تحصيل العلم
بتًّا.
أصل مذهب العامّة وأساسه
يبتني على الإجماع
وأمّا الإجماع، ففي الحقيقة ليس
دليلًا في قبال السنّة، بل هو من السنّة إن کان کاشفًا