وعلى الثاني : فالمكلف مدين بالخمس والزكاة وفي ذمّته الحجّ أيضاً ، فإن لم يف مال الميت بها ذكر الماتن أنه توزع التركة على الجميع بالنسبة ، ونتيجة ذلك سقوط الحجّ .
ولكن المستفاد من الروايات أن الحجّ مقدم على الزكاة والخمس بل على مطلق الدين ، ففي صحيحة معاوية بن عمار قال : « قلت له : رجل يموت وعليه خمسمائة درهم من الزكاة ، وعليه حجّة الإسلام ، وترك ثلاثمائة درهم ، وأوصى بحجّة الإسلام وأن يقضى عنه دين الزكاة ؟ قال : يحجّ عنه من أقرب ما يكون ، وتخرج البقية في الزكاة » [1] وهي صحيحة سنداً وواضحة دلالة على تقديم الحجّ على الزكاة . ولمعاوية بن عمار صحيحة اُخرى إلاّ أن فيها أن دينه من الزكاة سبعمائة درهم ، حيث روى عن أبي عبد الله 7 : « في رجل مات وترك ثلاثمائة درهم وعليه من الزكاة سبعمائة درهم ، وأوصى أن يحج عنه ، قال : يحج عنه من أقرب المواضع ويجعل ما بقي في الزكاة » [2] وناقش صاحب الجواهر [3] في سند الرواية الثانية ، وتكفينا الاُولى ، على أن الثانية غير ضعيفة ، لأن منشأ الضعف لا يخلو من أحد أمرين :
1 - ان في السند محمد بن عبد الله بن زرارة بدعوى أنه لم يوثق في كتب الرجال .
2 - أو من جهة ضعف طريق الشيخ إلى ابن فضال بابن الزبير القرشي .
ويردّ الثاني أنه تقدم سابقاً ان ضعف طريق الشيخ غير ضائر بعد ما كان للنجاشي إليه طريق صحيح فإن شيخهما وهو أحمد بن عبد الواحد بن عبدون شيخ واحد ، والكتاب الذي أعطاه إلى الشيخ عين الكتاب الذي أعطاه إلى النجاشي ، غاية الأمر ذكر الشيخ الطريق الضعيف ولم يذكر الطريق الصحيح ، فالطريق صحيح والرواية معتبرة .
كما أنه يردّ الأوّل أن النجاشي ذكر في ترجمة الحسن بن علي بن فضال [4] عن علي بن الريان الثقة « وكان والله محمد بن عبد الله بن زرارة أصدق عندي لهجة من أحمد بن الحسين فإنه رجل فاضل ديّن » على أنه ورد في كامل الزيارات [5] .