من نعوت كماله و أوصاف جماله قال 7 (أمره قضاء و حكمة)
يجوز أن يراد بأمره الأمر التّكويني أعني الاختراع و الاحداث، فيكون القضاء بمعنى الانفاذ و الامضاء، و حمله عليه
حينئذ من باب المبالغة أو المصدر بمعنى الفاعل أو المفعول، يعني أنّ أمره سبحانه
نافذ و ممضى لا رادّ له و لا دافع كما قال عزّ من قائل
إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.
اى إذ أراد
أن يكوّنه فيكون.
قال
الزّمخشري: فان قلت: ما حقيقة قوله: أن يقول له كن فيكون؟
قلت: هو مجاز
من الكلام و تمثيل لأنّه لا يمتنع عليه شيء من المكوّنات و أنّه بمنزلة من
المأمور المطيع إذا ورد عليه أمر الآمر المطاع، و المراد بالحكمة حينئذ العدل
و النّظام الأكمل، فمحصّل المعنى أنّ أمره تعالى نافذ في جميع الموجودات و
المكوّنات، متضمّن للعدل، و مشتمل على النظام الأكمل.
و يجوز أن
يراد به الأمر التّكليفي فيكون القضاء بمعنى الحتم و الالزام يعنى أنّ أمره سبحانه
حتم و إلزام مشتمل على الحكمة و المصلحة في المأمور به كما هو مذهب العدليّة من
كون الأوامر و النّواهي تابعة للمصالح و المفاسد الكامنة الواقعيّة، و قد تكون
المصلحة في نفس الأمر دون المأمور به كما في الأوامر الابتلائيّة.
و يجوز أن
يكون المراد به الشّأن فيكون القضاء بمعنى الحكم، يعني أنّ شأنه تعالى حكم و حكمة
لأنّه القادر القاهر العالم العادل، فبمقتضى قدرته و سلطانه حاكم، و بمقتضى علمه و
عدله حكيم.
و كون الأمر بمعنى
الشّأن قد صرّح به غير واحد منهم الزّمخشري في تفسير الآية السّابقة قال: إنّما
أمره إنّما شأنه إذا أراد شيئا إذا دعاه داعى حكمة إلى تكوينه و لا صارف أن يقول
له كن أن يكوّنه من غير توقّف، فيكون فيحدث أى فهو كائن موجود لا محالة.