و آخر للعدم، و هكذا كذلك هو آخرا، و
بالجملة فانّ حديثه يخبر عن قديمه، و جديده ينبىء عن عتيقه قال الشّارح المعتزلي:
و روى متسابقة اموره، أى شيء منها قبل كلّ شيء كأنّها خيل تتسابق في مضمار (متظاهرة أعلامه) أى دلالاته على سجيّته و
شيمته و أفعاله الّتي يعامل بها النّاس قديما و حديثا تظاهر بعضها بعضا و تعاضده
هذا.
و نسبة هذه
الأمور إلى الدّهر و إن كان الفاعل في الحقيقة هو الرّب تعالى باعتبار كونه من
الأسباب المعدّة لحصول ما يحصل في عالم الكون و الفساد من الخير و الشّر و السّعة
و الضّيق حسبما عرفت في شرح الخطبة الثّانية و الثلاثين.
و قوله (فكأنّكم
بالساعة تحدوكم حد و الزّاجر بشوله) قد مرّ تحقيق الكلام في شرح نظير هذا الكلام
له 7 في شرح الخطبة الحادية و العشرين و استظهرنا هناك أنّ المراد بالسّاعة ساعات
اللّيل و النّهار، لأنّها تسوق النّار إلى الدّار الآخرة و يسعى النّاس بها إليها،
و يجوز أن يراد بها هنا القيامة و إن لم نجوّزه فيما تقدّم لاباء لفظة ورائكم هناك
عنه، و لعلّ إرادة هذه هنا أظهر بملاحظة لفظة فكأنّكم فتأمّل.
و تسميتها بالسّاعة باعتبار أنّ
النّاس يسعى إليها، فيكون المقصود به الاشارة إلى قرب القيامة و كونها حادية
للمخاطبين باعتبار أنّها لا بدّ للنّاس من الحشر اليها و الاجتماع فيها للسّؤال و
الجواب و الحساب و الكتاب و الثواب و العقاب لا مناص لهم عن وقوفها فكأنّها تسوقهم
إليها ليجتمعوا فيها و ينظر إلى أعمالهم تشبيه [فكأنّكم بالساعة تحدوكم حدو
الزّاجر بشوله] و إنّما شبّه حدوهم بحدو الزّاجر بشوله لأنّ سائق الشّول
إنّما يسوقها بعنف و سرعة لخلوّها من الضّرع و اللّبن بخلاف سائق العشار فانّه
يرفق بها و لا يزجرها كما هو ظاهر.
و لمّا نبّه
على قرب السّاعة و أنّها تحدو المخاطبين أردفه بالتّنبيه على وجوب الاشتغال
بالنّفس أى بصرف الهمّة إلى محاسبتها و إصلاحها و تزكيتها و ترغيبها إلى ما اريد
منها (ف) انّ (من شغل نفسه بغير نفسه) لا يتحصّل
له نور