و كلّت فيه أفهامهم طوينا عن ذكر كلامهم،
من أراد الاطلاع فليراجع الشّروح، و اللَّه وليّ التّوفيق ثمّ حثّ على تزكية
الأعمال و تصفيتها بمثل ضربه بقوله استعاره مرشحة- تشبيه بليغ (و اعلم أنّ كلّ عمل نبات) و في بعض النّسخ أنّ
لكلّ عمل نباتا، قال الشّارح البحراني: استعار لفظ النّبات لزيادة الأعمال و
نموّها و رشّح الاستعارة بذكر الماء آه، و على ما روينا فهو من التّشبيه البليغ
أعنى التّشبيه المحذوف الأداة أى كلّ عمل بمنزلة نبات، و وجه الشّبه أنّ النّباتات
كما أنّها مختلفة من حيث طيبها و نضارتها و خضرتها و حسنها و ثبات أصلها في الأرض
و رسوخ عروقها و ارتفاع فروعها و حلاوة ثمراتها و من حيث كونها على خلاف ذلك،
فكذلك الأعمال و إلى ذلك أشار بقوله (و كلّ نبات لا غنى به عن
الماء) و هو مادّة حياته كما قال سبحانه:
و كذلك كلّ
عمل لا غنى به عن النيّة و عن توجّه القلب اليه و هو مادّة حصوله (و المياه
مختلفة) هذا عذب فرات سائغ شرابه و هذا ملح اجاج، و النيّات أيضا مختلفة
بعضها صادرة عن وجه الخلوص و التقرّب إلى الحضرة الرّبوبيّة، و بعضها عن وجه
الشّرك و الرّياء و السّمعة (فما طاب سقيه) أى نصيبه من الماء
لكونه عذبا صافيا (طاب غرسه) و ثبت أصله و ارتفع فرعه و كان له خضرة و
نضرة (و حلت ثمرته) و كذلك العمل الصّادر عن وجه الخلوص و
التقرّب إلى الحقّ يعلو و يزكو و يثمر ثمرات طيبة و هى ثمرات الجنان اكلها دائم و
ظلّها قال تعالى: