(و قد قال الرّسول الصّادق 6 إنّ اللَّه يحبّ العبد و يبغض عمله و يحبّ العمل و يبغض بدنه) يعني أنّ اللَّه يحبّ العبد المؤمن بما فيه من وصف الايمان لكنّه
يبغض عمله لكونه سيّئة و حراما، و يبغض الكافر بما له من الكفر لكنّه يحبّ عمله
لكونه حسنا و صالحا، و هذا لا غبار عليه و إنّما الاشكال في ارتباط هذا الكلام
لسابقه و في استشهاد الامام 7 به مع أنّه لا مناسبة بينهما ظاهرا، و
ليس للاستشهاد به وجه ظاهر، بل منافاته لما مرّ أظهر من المناسبة كما هو غير خفيّ
إذ لازم محبّة اللَّه للعبد كون العبد طيّبا، و لازم بغضه لعمله كون العمل خبيثا
فلم يكن الظّاهر موافقا للباطن، فينا في قوله 7:
فما خبث
ظاهره خبث باطنه، و كذلك مقتضي بغض اللَّه سبحانه لبدن الكافر كونه خبيثا، و حبّه
لعمله كون عمله طيّبا ففيه أيضا مخالفة الظّاهر للباطن، فينا في قوله: فما طاب
ظاهره طاب باطنه و الذي سنح لي في وجه الارتباط و حلّ الاشكال بعد التّروى و صرف
الهمّة إلى حلّه أيّاما و الاستمداد من جدّى أمير المؤمنين عليه و آله سلام اللَّه
ربّ العالمين هو أنّه لمّا ذكر أنّ ما هو طيّب الظّاهر طيّب الباطن و ما هو خبيث
الظّاهر خبيث الباطن، عقّبه بهذا الحديث النّبوي 6
تنبيها و ايقاظا للسّامعين بأنّ العبد قد يكون نفسه محبوبا و عمله مبغوضا، و قد
يكون بالعكس كما أفصح عنه الرّسول الصّادق المصدّق فاللّازم له إذا كان محبوب
الذّات للَّه سبحانه و مبغوض العمل أن يجدّ في تحبيب عمله إليه تعالى حتّى يوافق
نفسه عمله في المحبوبيّة، و إذا كان محبوب العمل و مبغوض البدن أى الذّات أن يجدّ
في تحبيب ذاته إليه كى يوافق عمله نفسه و الغرض بذلك الحثّ على تطبيق الظّاهر
للباطن في الأوّل و تطبيق الباطن للظّاهر في الثّاني في المحبوبيّة حتى يكونا
طيّبين، و يفاز إلى النّعيم الدّائم و الفوز الأبد، و لا يعكس حتّى يكونا خبيثين
مبغوضين له تعالى فيقع في العذاب الأليم و الخزى العظيم، و قد زلّت في هذا المقام
أقدام الشّراح و المحشّين،