و ارادته له لا يريد غير ما أراده سبحانه
كنايه (و ان تدحض القدم) و
تزلق و هو كناية عن الموت تشبيه (فانّا كنّا في أفياء
أغصان) و ظلالها (و مهبّ رياح) أى محلّ هبوبها (و تحت ظلّ غمام اضمحلّ) و فنى (في الجوّ) أى
ما بين السّماء و الأرض (متلفّقها) و
ملتئمها (و عفى) و
انمحى (في الأرض مخطّها) أى
أثرها و علامتها و الغرض بهذه الجملات أنّي إن متّ فلا عجب، فانّا كنّا في امور
فانية شبيهة بتلك الامور، لأنّها كلّها سريعة الانقضاء لا ثبات لها و لا بقاء، أو
لا أبالي فانّي كنت في الدّنيا غير راكن إليها كمن كان في تلك الامور، و فيه حثّ
للقوم أيضا على الزّهد في الدّنيا و ترك الرّغبة في زخارفها.
استعاره-
استعاره بالكنايه [فانّا كنّا في أفياء أغصان و مهبّ رياح و تحت ظلّ غمام اضمحلّ
في الجوّ متلفّقها و عفى في الأرض مخطّها] و قيل: أراد على وجه الاستعارة بالأغصان الأركان من
العناصر الأربعة، و بالأفياء تركيبها المعرض للزّوال، و بالرّياح الأرواح، و بمهبّها الأبدان
الفايضة هي عليها بالجود الالهي، و بالغمام الأسباب العلويّة من
الحركات السّماويّة و الاتّصالات الكوكبيّة و الأرزاق المفاضة على الانسان في هذا
العالم الّتي هي سبب بقائه، و كنّى باضمحلال متلفّقها في الجوّ عن تفرّق
الأسباب العلويّة للبقاء و فنائها، و بعفاء مخطّها في الأرض عن فناء
آثارها في الأبدان.
(و إنما
كنت جارا) أي مجاورا (جاوركم بدني أيّاما) تخصيص المجاورة
بالبدن لأنّها من خواصّ الأجسام أو لأنّ روحه 7 كان معلّقا بالملاء
الأعلاء و هو بعد في الدّنيا (و ستعقبون منّي) أى تعطون عقيب فقدى
و تجدون بعد رحلتى (جثّة خلاء) أى جسدا و بدنا خاليا من الرّوح و
الحواسّ (ساكنة بعد حراك و صامتة بعد نطوق) أى متبدّلة الحركة
بالسّكون و النّطق بالسّكوت (ليعظكم هدّوى) و سكونى (و خفوت
اطراقى) أى سكون ارخاء عينى إلى الأرض و هو كناية عن عدم تحريك الأجفان، و
قد مرّ وجوه اخر في بيان اللغة فتذكّر (و سكون أطرافي) أى الرّاس و اليدين
و الرجلين و غيرها من الجوارح و الأعضاء و جناس الخط بين قوله اطرافي و اطرافي غير
خفيّ (فانّه أوعظ للمعتبرين من المنطق البليغ و القول المسموع) لأنّ
الطّباع أكثر اتعاظا و انفعالا عن مشاهدة