و حذف قوله:
و اسألوه من أداء حقه ما سألكم، اى اسألوا منه على الحذف و الايصال، و ما
موصولة منصوبة المحلّ مفعول اسألوه و سألكم صلتها و العايد محذوف أى الّذي سأله
منكم، و من أداء حقّه، بيان لما، كما في قولك: عندى من المال ما يكفى، و انّما جاز
تقديم من المبينة على المبهم في هذا و أمثاله، لأنّ المبهم الذي فسّر بمن مقدّم
تقديرا كأنّك قلت عندى شيء من المال ما يكفى، فالمبيّن بفتح الباء في الحقيقة
محذوف، و الّذي بعد من عطف بيان له، و المقصود بذلك تحصيل البيان بعد الابهام،
لأنّ معنى أعجبني زيد، أى شيء من أشيائه بلا ريب، فاذا قلت: كرمه أو وجهه، فقد
تبيّنت ذلك الشّيء المبهم.
و الفاء في
قوله: فصارت الدّنيا فصيحة، و في قوله: فلا توازرون، عاطفة مفيدة للسّببية نحو
يقوم زيد فيغضب عمرو أى صار قيامه سببا لغضب عمرو، و جملة تفرحون و تدركونه و
تحرمونه و يفوتكم في محال النصب على الحال، و في بعض النسخ حين يفوتكم، باضافة
حين، و قلّة صبركم، بالجرّ عطف على وجوهكم.
المعنى
اعلم أنّ هذه
الخطبة مسوقة للتنفير عن الدّنيا و الترغيب في الآخرة، و نبّه على جهات النفرة
بقوله (و احذّركم) من (الدّنيا) و الرّكون إليها و
الاعتماد عليها و الاغترار بها و بزخارفها (فانها منزل قلعة) أى لا تصح
للسّكنى و الاستيطان أو لا تدرى متى يكون لك منها التحوّل و الارتحال و المضىّ و
الانتقال كنايه (و ليست بدار نجعة) يطلب فيها الكلاء و يروى من الظماء، و هو
كناية عن انّها لا ينال فيها المراد و لا يوفّق فيها للسّداد (قد تزيّنت) للناس (بغرورها) و أباطيلها (و غرّت) المفتونين
بها أى خدعتهم (بزينتها) و زخارفها.
و هى (دار هانت
على ربّها) و اتصفت بالذّل و الهوان لعدم تعلّق العناية الالهية عليها بالذات و
إنما خلقت لكونها وسيلة إلى غيرها.
قال أبو عبد
اللَّه 7: مرّ رسول اللَّه 6 بجدى أسك
ملقى على مزبلة،