و قال 7 في ردّ الثاني (و أما قولكم لم جعلت بينكم و بينهم أجلا في التحكيم فانما فعلت
ذلك ليتبيّن الجاهل) و يظهر له وجه الحقّ (و يتثبت العالم) و يطمئنّ قلبه (و لعلّ اللّه أن يصلح في هذه الهدنة) و
المصالحة (أمر هذه الامة)
المفتونة (و) انما فعلته أيضا لئ (لا تؤخذ) الامة
(بأكظامها) أى مجارى أنفاسها
(فتعجل عن تبيّن الحقّ و تنقاد لأوّل الغىّ) و
هو أوّل شبهة عرضت لهم من رفع المصاحف.
يعني أنى لو
أعجلت في الأمر و تركت ضرب الأجل بيني و بينهم و التنفيس عنهم لا لجأهم الارهاق و
ضيق الخناق إلى البقاء على الجهل و العمى و الانقياد إلى الغىّ و الغوى و عدم ظهور
وجه الحقّ و الهدى و هو مناف للغرض المطلوب للشارع و مخالف للمقصود (إنّ أفضل
الناس عند اللّه) سبحانه (من) آثر الحقّ و (كان العمل بالحقّ
أحبّ اليه و إن نقصه و كرثه) أى يوجب لنقصانه و يوقعه في الشدّة و المشقة (من
الباطل و إن جرّ اليه فائدة و زاده) ثمّ قال (فأين يتاه بكم) و تذهبون في
التيه و الحيرة (و من أين اتيتم) أى من أىّ وجه أتاكم الشيطان و استحوذ عليكم،
أو من أىّ المداخل دخلت عليكم الشبهة و الحيلة و الاستفهام على التعجّب.
ثمّ حثّهم
على الجهاد و قال (استعدّوا للمسير إلى قوم حيارى عن الحقّ) متحيّرين عنه (لا
يبصرونه و موزعين) ملهمين (بالجور لا يعدلون به) أى عنه إلى غيره أو
لا يجعلون له مثلا و عديلا (جفاة عن الكتاب) بعيدون عنه (نكب عن
الطريق) أى عادلون عن طريق الهدى إلى سمت الرّدى ثمّ وبّخهم على التثاقل و
التساهل فقال (ما أنتم) (ب) عروة (وثيقة يعلق) و يتمسك (بها) عند القتال (و لا
زوافر عزّ يعتصم) و يلتجاء (اليها) عند براز الأبطال (لبئس حشاش نار
الحرب أنتم افّ لكم لقد لقيت منكم ترحا) أى شدّة و أذى (يوما اناديكم) جهارا للحثّ
على الجهاد (و يوما اناجيكم) سرّا بتدبير امور الحرب و الارشاد إلى الرشاد (فلا
أحرار صدق عند النداء) حتّى تنصرون و تحمون (و لا اخوان ثقة
عند النجاء) حتّى تكتمون السرّ و تحفظون