و ذلك لأنّ لفظ النملة يقع على الذكر و
الانثى كلفظ الحمامة و الشاة[1] و إنما يميّز بينهما بعلامة
التأنيث.
فانظر إلى
هذين المغرورين المعجبين كيف عييا عن جواب أدنى مسألة فكيف بهما إذا سئلا عن حجب
الأسرار، و سرادقات الأنوار، و الغيب المكنون، و السرّ المكتوم، و عجائب الملكوت،
و بدايع الجبروت، فاشهد أنّ عريف ذلك و الخبير بكلّ ذلك لم يكن إلّا أمير
المؤمنين، و وصيّ رسول ربّ العالمين، و عنده علم الكتاب كلّه، و فيه خبر السّماء و
خبر الأرض و خبر ما كان و ما يكون و ما هو كائن إلى يوم القيامة كما قال عزّ من
قائل:
وَ لا
رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ.
أى في إمام
مبين و قد سئل 7 في مقامات شتى عن مسائل مشكلة متفرّقة فأجاب عنها
بأجوبة شافية تاهت فيها العقول و دهشت بها القلوب حسبما نشير إلى بعضها بعد الفراغ
عن شرح الفصل ثمّ اقسم 7 بالقسم البارّ انه عالم بما هو كائن إلى يوم
القيامة و قال: (فو الذي نفسى بيده لا تسألوني عن شيء فيما بينكم و بين الساعة) إلّا
أنبئتكم به، و نحوه ما رواه في البحار من بصائر الدّرجات باسناده عن أبي بصير عن
أبي جعفر 7 قال:
سئل عليّ
7 عن علم النبيّ 6، فقال: علم النّبيّ 6 علم جميع النبيّين و علم و ما كان و علم ما هو كائن إلى
قيام السّاعة، ثمّ قال 7: و الذى نفسي بيده إنّى لأعلم علم النبيّ و
علم ما كان و علم ما هو كائن فيما بيني و بين قيام السّاعة (و لا عن فئة تهدى
مأئة و تضل مأئة) تخصيص هذا العدد بالبيان ليس لقصد الاختصاص و إنما هو جار على
[1] قال ابن الحاجب فى بعض تصانيفه انّ مثل الشاة و النملة و
الحمامة من الحيوانات فيها تأنيث لفظى، و لذا كان قول من قال انّ النملة في قوله
تعالى قالت نملة انثى لورود تاء التأنيث فى قالت و هما، لجواز أن يكون ذكرا فى
الحقيقة و ورود تاء التأنيث فى الفعل نظرا الى التأنيث اللفظى، و لذا قيل افحام
قتادة خير من جواب أبى حنيفة، و هذا هو الحق و قدار تضاه الرضىّ، منه