غول، أى ليس غول في خمور الجنة بخلاف
خمور الدّنيا و ايراد المسند اليه بلفظ الموصول للتفخيم و التهويل كما في قوله:
فغشيهم من اليمّ ما غشيهم.
و وصل جملة
اجتمعت لسابقتها لما بينهما من كمال الاتّصال و كون الثانية أو فى بتمام المراد و
اقتضاء المقام الاعتناء بشأنه لكونه فظيعا في نفسه و نظيرها قوله سبحانه:
فانّ المراد
التنبيه على نعم اللّه، و الثّانية أو في بتاديته لدلالتها عليها بالتفصيل،
فالجملة الثانية في المقامين منزّلة منزلة بدل البعض، و كذلك وصل جملة يفكر
لسابقتها لما بينهما من كمال الاتصال أيضا لكونها من سابقتها بمنزلة التّأكيد
المعنوى مثل: لا ريب فيه، في قوله تعالى: ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ، و وزانهما
وزان جائنى زيد نفسه، و هذا كله من محسّنات البيان و إنما نبّهنا عليه مع عدم
مدخلية في الاعراب اشارة إلى بعض وجوه الحسن في كلامه 7.
المعنى
اعلم أنّ هذا
الفصل من كلامه تحذير للمتمرّدين العصاة و المذنبين الغواة، و تنفير لهم عن الركون
إلى الدّنيا و إلى زخارفها و ما فيها، و تذكير لهم بما يحلّ بساحتهم من سكرات
الموت و ينزل بفنائهم من حسرات الفناء و الفوت.
و افتتح
بتسبيحه تعالى و تقديسه فقال: (سبحانك خالقاً و معبوداً) أى أنزّهك
تنزيها عن الشركاء و الأمثال في حالة خلقك و معبوديّتك لا موجد غيرك و لا معبود
سواك (بحسن بلائك عند خلقك خلقت دارا) أى خلقت دارا بسبب ابتلاء
عبادك و امتحانا لهم و تميزا بينهم و تفرقه بين السّعداء أعنى الطالبين المشتاقين
إلى تلك الدار، و بين الأشقياء و هم الرّاغبون المعرضون عنها، و المراد بالدّار
دار الآخرة،