و يحتمل أن يكون المراد أن نفس الاسلام
عبرة للمتّعظين، و ذلك لأنّ من لاحظ رونق الاسلام و نظر في علوّ قدره و ارتفاع
كلمته و ظهور سلطانه و ظفر المسلمين على قلّتهم على المشركين مع كثرتهم. يحصل له
بذلك عبرة و بصيرة في الرّجوع إلى الحقّ.
(و نجاة
لمن صدّق) يعني أنّه سبب لنجاة من صدّق الرسول 6
فيما جاء به من عند اللّه سبحانه به يحصل له الخلاص في الدّنيا من القتل و في
الآخرة من العذاب (وثقة لمن توكّل) إذ من دان بدين الاسلام و عرف المواعيد
الكريمة الثابتة في الكتاب و السنّة للمتوكلين يحصل له بذلك توكّل على اللّه و حسن
ثقة به (و راحة لمن فوّض) فانّ المسلم إذا كمل إسلامه و فوّض أمره إلى
اللّه سبحانه كفاه اللّه جميع أموره و أراحه من الاهتمام لها و به يشعر قوله
سبحانه:
(و جنّة
لمن صبر) أى من صبر على ما فيه من مشاقّ الطّاعات و كلفة العبادات المالية و
البدنيّة يكون الاسلام وقاية له و جنّة من عذاب النّار و حرّ الجحيم.
(فهو أبلج
المناهج) أى معروف الطرق و سيأتي بيانها (و أوضح الولايج) أى ظاهر
البواطن و الاسرار لمن نظر إليه بعين الاعتبار، أو أنه واضح المداخل معروف المسالك
كما مرّ في تفسير قوله 7 فسهّل شرايعه لمن ورده (مشرف المنار) أى رفيعة
الاعلام، و سيأتي بيان ذلك أيضا (مشرق الجواد) و هو قريب من أبلج
المناهج استعاره مرشحة (مضيء المصابيح) المراد بها إما
الأدلّة و البراهين الدالة على حقّيته من الكتاب و السّنة، و استعار لها لفظ
المصباح باعتبار أنها يهتدى بها إليه كما يهتدى بالمصباح في الظلمات، و إمّا
الأئمة الهادون إليه و المرشدون إلى معالمه، و ذكر الاضائة ترشيح.
(كريم
المضمار رفيع الغاية جامع الحلبة متنافس السبقة شريف الفرسان) قال الشارح
المعتزلي: كأنه جعل الاسلام كخيل السباق التي مضمارها كريم و غايتها