رفيعة عالية و حلبتها جامعة حاوية و
سبقتها متنافس فيها و فرسانها أشراف.
أقول: أراد بالفرسان المسلمين
المؤمنين، و فسّر ساير ما كان محتاجا إلى التّفسير بقوله (التصديق منهاجه) الذي تقدم
وصفه بأنه أبلج و أراد به التّصديق باللّه و برسوله و بما جاء به من عند اللّه
سبحانه و الاتيان بلفظ الجمع فيما سبق و بصيغة الافراد هنا أنّ الجمع باعتبار تعدد
أفراده و الافراد بملاحظة نفس النوع و معلوم أنّ هذه التصديقات أنوار واضحة الهدى.
(و
الصّالحات مناره) أراد بها الأعمال الصّالحة و جعلها منارا باعتبار إضاءتها و اشراقها (و الموت
غايته) و إنما جعله غاية له باعتبار انقطاع التكليف عنده و انتهائه إليه و
وصفه بالرفعة فيما سبق باعتبار أنّه باب الوصول إلى حظيرة القدس و الجنّة المأوى
التي هي أرفع الغايات و منتهى المقاصد.
(و الدّنيا
مضماره) لأنه دار مجاز لا دار قرار، و وصفها بالكرم سابقا باعتبار أنّ فيها
يحصل الاستعداد للفوز بالدّرجات العالية و المقامات المتعالية، و لا ينافي ذلك ما
ورد في ذمّها، لأنه ناظر إلى ذمّ من ركن إليها و قصّر نظره فيها و غفل عما وراها،
فانّ من أبصر بها بصرته، و من أبصر إليها أعمته.
(و القيامة
حلبته) أي ذات حلبته و موضعها الذي يجتمع الكلّ فيها من كلّ ناحية لأنها
يوم الجمع (و الجنّة سبقته) جعلها اللّه سبحانه جزاء للسابقين، و في
مثلها فليتنافس المتنافسون.
و أما
الفصل الثاني
المسوق لبيان
تمجيد الرّسول 6 و تعظيمه فهو ما أشار إليه السّيد
بقوله (منها فى ذكر النبي 6 حتى أورى قبسا
لقابس) أى أظهر نور الحقّ و أخرج شعلة الهداية للطالبين المهتدين استعاره-
استعاره بالكنايه (و أنار علما لحابس) أصل إنارة العلم للحابس أن يوقد عليه النار و
يستنار ليهتدى به الضّال الحابس أى الذي حبس ناقته و وقف لا يدرى كيف يهتدى
المنهج، و استعاره هنا لاظهاره 6 أنور الهداية ليهتدى
بها من حبسته ظلمة الحيرة و الشبهة عن سلوك سبيل الحقّ.
و المراد
بأنوار الهداية المعجزات الباهرة و الأدلّة القاهرة من الكتاب