قال الشارح المعتزلي: في هذا الموضع
اشكال، و ذلك أنّ لقائل أن يقول النهى عن المنكر واجب على العدل و الفاسق فكيف
قال: إنّما امرتم بالنّهى بعد التناهى؟
و الجواب إنه
لم يرد أنّ وجوب النهى عن المنكر مشروط بانتهاء ذلك الناهي من المنكر، و إنما أراد
أني لم آمركم بالنّهى عن المنكر إلّا بعد أن أمرتكم بالانتهاء عن المنكر فالترتيب
إنّما هو في أمره 7 لهم بالحالتين المذكورتين لا في نهيهم و تناهيهم.
فان قلت:
فلما ذا قدّم أمرهم بالانتهاء على أمرهم بالنهى؟
و أقول: لا
حاجة إلى ما تكلّفه في الجواب، و الأولى أن يقال: إنّه 7 أمر بالنهى و
التناهي معا أوّلا، و هو دليل على وجوب الأمرين كليهما، و اتبعه بقوله:
فانّما امرتم
بالنهى آه تنبيها على أنّ التناهى في نظر الشارع مقدّم على النّهى و وجوبه آكد،
لأنّ إصلاح النفس مقدّم على إصلاح حال الغير، و لأنّ النهى إنما يثمر بعد التناهي،
و يكون تأثيره في النفوس أقوى، و انفعال الطّبايع منه أشد أو آكد كما يشهد به
العقول السليمة و التجربة المستمرة و توافقت عليه الشرائع و الآراء و دلّت عليه
الأحاديث و الأخبار.
ففى الوسائل
عن الكليني باسناده عن طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه 7 في قوله تعالى.
فَلَمَّا
نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ.
قال 7 كانوا ثلاثة أصناف: صنف ائتمروا و أمروا فنجوا، و صنف ائتمروا و لم يأمروا
فمسخوا، و صنف لم يأتمروا و لم يأمروا فهلكوا.
و عن الصّدوق
باسناده عن أمير المؤمنين 7 قال في وصيّته لولده محمّد بن الحنفية: يا
بني اقبل من الحكماء مواعظهم و تدبّر أحكامهم، و كن آخذ النّاس