و النهى عن المنكر، و مسارقة الطبع من
الاخلاق الرديّة و الأعمال الخبيثة من جلساء السّوء.
و أمّا الدّنيوية
فتنقسم إلى ما يمكن من التحصيل بالخلوة كتمكن المحترف في خلوته إلى ما يخلص من
محذورات يتعرّض لها بالمخالطة كالنّظر إلى زهرة الدنيا و إقبال الخلق عليها و طمعه
في النّاس و طمع النّاس فيه و انكشاف ستر مروته بالمخالطة و التأذّي بسوء خلق
الجليس في مرائه أو سوء ظنه أو نميمته أو محاسدته أو التأذّى بثقله و تشويه خلقته،
و إلى هذا ترجع مجامع فوائد العزلة، فلنحصر ستّ فوائد:
الفائدة
الاولى
التفرّغ
للعبادة و الفكر و الاستيناس بمناجاة اللّه عن مناجاة الخلق و الاشتغال باستكشاف
أسرار اللّه في أمر الدنيا و الآخرة و ملكوت السّماوات و الأرض، فانّ ذلك يستدعى
فراغا و لا فراغ مع المخالطة، فالعزلة وسيلة إليه، و لذلك كان رسول اللّه 6 في بدو أمره يتبتّل في جبل حرّا و يختار العزلة لنفسه حتى
بعث و امر بالتبليغ، فخالط النّاس و كان ببدنه معهم و بقلبه مقبلا على اللّه، و لا
يحجب مخالطتهم عن توجّهه بالباطن، و لن يسع الجمع بين المخالطة ظاهرا و الاقبال
باطنا إلّا قوّة النبوّة و الولاية، فلا ينبغي أن يغترّ كلّ ضعيف بنفسه فيطمع في
ذلك، فانّ المخالطة مانعة لهم عن الفكر و الذكر، و العزلة أولى بهم.
و لذلك قيل
لبعض الحكماء: ما الذى أرادوا بالخلوة و اختيار العزلة؟ فقال:
يستدعون بذلك
دوام الفكرة و تثبّت العلوم في قلوبهم ليحيوا حياة طيّبة و يذوقوا حلاوة المعرفة.
و قيل لبعض
الرّهبان: ما أصبرك على الوحدة؟ فقال: ما أنا وحدى أنا جليس اللّه تعالى إذا شئت
أن يناجيني قرأت كتابه، و إذا شئت أن اناجيه صلّيت.
و قيل: بينما
اويس القرني جالس إذا أتاه رجل فقال له اويس: ما جاء بك؟