اسمه و لا من الكتاب إلّا درسه، و أشار
7 إلى أنّ ذلك منه سبحانه ليس من باب الظلم و الجور، بل من باب
الاختيار و الامتحان، ليجزى الذين أحسنوا الحسنى جزاء أعمالهم، و يذيق الذين عملوا
السّوء نكال و بالهم و هو قوله:
أيّها
النّاس إنّ اللَّه قد أعاذكم أى عصمكم (من أن يجور
عليكم) و قد قال: و ما ربّك بظلام للعبيد (و لم يعذكم) أى لم
يعصمكم (من أن يبتليكم) و يختبركم، يعنى أنه إذا غلب على أهل الزمان
الفساد لا يلجأهم الى الصّلاح و السّداد و لكن يتركهم و اختيارهم امتحانا لهم و
اختبارا (و قد قال جلّ من قائل) في سورة المؤمنين بعد حكاية حال سفينة
نوح 7 (إنّ في ذلك لآيات و إن كنّا[1]
لمبتلين) قال الطّبرسيّ: أى في أمر نوح و السّفينة و هلاك أعداء اللّه دلالات
للعقلاء يستدلّون بها على التوحيد و إن كنّا مختبرين إياهم بارسال نوح و وعظه و
تذكيره و متعبّدين عبادنا بالاستدلال بتلك الآيات على قدرتنا و معرفتنا أقول: غرضه
7 من الاستدلال بالآية الشريفة الاشارة إلى أنّ عادة اللّه سبحانه
جارية في الامم الماضية و القرون الخالية، و كذلك في غابر الزّمان و مستقبل الأيام
على اختبار عباده و ابتلائهم لاظهار جودة العبد و ردائته ليثب تمام العيار في قالب
الامتحان و يعاقب النّاقص الجوهر بالخزى و الخذلان، و قد مرّ في شرح الخطبة
الثانية و السّتين تحقيق معنى البلاء و الابتلاء و لا حاجة إلى الاعادة، هذا.
و ينبغي
التنبيه على امور:
الاول في
فوائد العزلة و خمول الذكر
و هى على ما
ذكره أبو حامد الغزالى: تنقسم إلى فوايد دينيّة و دنيويّة، و الدّينية تنقسم إلى
ما يمكن من تحصيل الطاعات في الخلوة و المواظبة على العبادة و الفكر و تربية
العلم، و إلى تخلص من ارتكاب المناهى يتعرّض لها الانسان بالمخالطة كالرياء و
الغيبة و السّكوت عن الأمر بالمعروف
[1] ( 1) قوله سبحانه: و ان كنا أى انا كنا فهى مخفّفة
من المثقّلة و يجوز أن يكون اسمها ضمير الشأن أى انه كنا.