و أما على روايتها بالغين المعجمة
فالمقصود عدم انبعاث نفوسهم الأمّارة بالشكوكات و الشبهات و القائها الخواطر
الفاسدة إلى أنفسهم المطمئنة.
(و لم
تعترك الظنون على معاقد يقينهم) المراد بالظنّ إمّا الاعتقاد الراجح غير
الجازم أو الشّك أو ما يشملهما، و لعلّ الأخير أظهر هنا، فالمقصود نفى ازدحام
الظنون و الأوهام على قلوبهم التي هي معاقد عقائدهم اليقينية (و لا قدحت قادحة
الاحن فيما بينهم) أى لا تثير الأحقاد و العداوات بينهم فتنة كما تثير النّار قادحتها
لتنزّهم من القوّة الغضبيّة (و لا سلبتهم الحيرة ما لاق من معرفته
بضمائرهم و سكن من عظمته و هيبة جلاله في أثناء صدورهم) لمّا كان الحيرة
عبارة عن عدم الاهتداء إلى وجه الصواب من حيث تردّد العقل في أنّ أىّ الأمرين أولى
بالطلب و الاختيار، و كان منشأ ذلك معارضة الوهم و الخيال للعقل و لم يكن لهم و هم
و لا خيال، لا جرم لا حيرة تخالط عقايدهم و تزيل هيبة عظمته من صدورهم.
قال المجلسي
(ره): و يحتمل أن يكون المراد بالحيرة الوله لشدّة الحبّ و كمال المعرفة كما
سيأتي، فالمعنى أنّ شدّة و لهم لا يوجب نقصا في معرفتهم و غفلة عن ملاحظة العظمة و
الجلال كما في البشر، و على هذا فالسلب في كلامه 7 راجع إلى المحمول
كما أنه على ما قلناه راجع إلى الموضوع (و لم تطمع فيهم الوساوس فتقترع
برينها على فكرهم) أى لم تطمع فيهم الوساوس الشّيطانية و النّفسانية فتتناوب أو تضرب
بأدناسها على قلوبهم، و الغرض نفى عروض الوساوس على عقولهم كما تعرض للبشر لانتفاء
أسبابها في حقّهم.
(منهم) أى من مطلق
الملائكة (من هو في خلق الغمام الدّلح) أى السحاب الثقيلة
بالمطر، و المراد بذلك الصّنف هم الّذين مكانهم السحاب و هم خزّان المطر و زواجر
السحاب المشار إليهم بقوله سبحانه: و الزاجرات زجرا قال ابن عباس: يعنى الملائكة
الموكّلين بالسحاب فيشمل لمشيعي الثلج و البرد و الهابطين مع قطر المطر إذا نزل و
إن كان السحاب مكانهم قبل النّزول قال سيّد