عليهم و تسهيلها لهم لعدم معارضة شيطان
أو نفس أمارة بالسوء، بل خلقهم خلقة يلتذّون بها كما ورد: أنّ شرابهم التّسبيح و
طعامهم التقديس.
استعاره (و نصب
لهم منارا واضحة على أعلام توحيده) استعار لفظ الأعلام لأدلّة التّوحيد و براهين
التفريد و وجه المشابهة ايصال كلّ منهما إلى المطلوب، و لعلّه أراد بالمنار
الواضحة المنصوبة على تلك الأعلام ما يوجب لهم الاهتداء إلى تلك الأدلّة من الوحى
و الالهام.
و ربما قيل
في شرح ذلك: إنه استعار المنار الواضحة للوسائط من الملائكة المقرّبين بينهم و بين
الحقّ سبحانه إذ إخباره عن الملائكة السّماوية و لفظ الاعلام لصور المعقولات في
ذواتهم المستلزمة لتوحيده و تنزيهه عن الكثرة، و وجه المشابهة أنّ المنار و
الأعلام كما يكون وسايط في حصول العلم بالمطلوب كذلك الملائكة المقرّبون و المعارف
الحاصلة بواسطتهم يكون وسايط في الوصول إلى المطلوب الأول محرّك الكلّ عزّ سلطانه،
و هو قريب مما قلناه إلّا أنّ ما قلناه أظهروا أشبه هذا.
و أمّا توصيف
المنار بوصف الوضوح فمن أجل وفور أسباب الهداية و كثرة الدلائل في حقهم لقربهم من
سياحة عزّته و ملكوته و مشاهدتهم ما يخفى علينا من آثار ملكه و جبروته.
(لم تثقلهم
موصرات الآثام) أى مثقلاتها و أشار 7 بذلك إلى عصمتهم من المعاصي لعدم
خلق الشهوات فيهم و انتفاء النفس الامارة الداعية إلى المعصية (و لم
ترتحلهم عقب اللّيالى و الأيام) أى لم يزعجهم تعاقبهما و لم يوجب رحيلهم عن
دارهم، و المقصود تنزيههم عما يعرض للبشر من ضعف القوى أو القرب من الموت بكرور
اللّيالى و مرور الأيام.
(و لم ترم
الشّكوك بنوازعها عزيمة ايمانهم) عزيمة ايمانهم ما لزم ذواتهم من التّصديق
بمبدعهم و ما ينبغي له، و المراد أنه لم ترم الشكوك بمحركاتها و هي شهواتها ما
عزموا عليه من الايمان و التّصديق، هذا على رواية نوازعها بالعين المهملة