كذلك موادّ تلك اللّذّات هي المكاسب و
التجارات و الصّناعات، و قد كانت العرب خالية من ذلك و وجوه باقي الاستعارات
ظاهرة.
كنايه (قد درست
منار الهدى) كناية عن فقدان حجج الدّين و انتفاء أدلّة الحقّ (و ظهرت
أعلام الرّدى) كناية عن غلبة أدلّة الباطل و ظهور أئمّة الضّلال (فهى
متهجّمة لأهلها) أى داخلة عليهم عنفا لكونها غير موافقة لرضاهم أو منهدمة عليهم غير
باقية في حقّهم أو ملاقية لهم بوجه كريه و هو على رواية متجهّمة بتقديم الجيم على
الهاء (عابسة في وجه طالبها) أراد به عدم حصول بغية الطالبين منها
كما لا تحصل من الرّجل المنقبض الوجه الذى يلوى بشرته قال سبحانه:
عَبَسَ وَ
تَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى.
استعارة
مكنية- استعارة تخييليّة (ثمرتها الفتنة) أى الضّلال عن طريق الحقّ و التيه في
ظلمة الباطل و فيه استعارة مكنية و تخييليّة حيث شبّه الدنيا بشجرة مثمرة و أثبت
الثّمرة لها و جعل ثمرتها الفتنة إمّا من باب التهكم أو من حيث إنّ الثمرة كما
أنّها الغاية المقصودة من الشجرة فكذلك غاية الدّنيا عند أهلها هي الفتنة و
الضّلال (و طعامها الجيفة) يحتمل أن يكون المراد بالجيفة الميتة و
الحيوان الغير المزكى ممّا كان العرب يأكلها في أيّام الفترة حتى حرّمتها الآية
الشريفة أعنى قوله:
أى المضروبة
بالخشب حتى تموت و يبقى الدّم فيها فيكون أطيب كما زعمه المجوس «وَ
الْمُتَرَدِّيَةُ» أى التي تردّت من علوّ فماتت و قد مرّ في شرح الخطبة السّادسة و
العشرين أنّ أكثر طعام العرب كان الخشب و الخبائث، و يجوز أن يراد بالجيفة الاعمّ
من ذلك أعني مطلق ما لا يحلّ في الشريعة المطهّرة سواء كان من قبيل الخبائث و
الميتات أو من قبيل الأموال المغصوبة المأخوذة بالنّهب