فى هفوته يسيرا، لم يفد عوضا، و لم يقض
مفترضا، دهمته فجعات المنيّة في غبَّر جماحه، و سنن مراحه، فظلّ سادرا، و بات
ساهرا، في غمرات الآلام، و طوارق الأوجاع و الأسقام، بين أخ شقيق، و والد شفيق، و
داعية بالويل جزعا، و لا دمة للصّدر قلقا، و المرء في سكرة ملهثة، و غمرة كارثة، و
أنّة موجعة، و جذبة مكربة، و سوقة متعبة، ثمّ أدرج في أكفانه مبلسا، و جذب منقادا
سلسا، ثمّ ألقي على الأعواد رجيع و صب، و نضو سقم، تحمله حفدة الولدان، و حشدة
الإخوان، إلى دار غربته، و منقطع زورته، حتّى إذا انصرف المشيِّع، و رجع المتفجّع،
أقعد في حفرته نجيّا لبهتة السّؤال، و عثرة الامتحان، و أعظم ما هنا لك بليَّة نزل
الحميم، و تصلية الجحيم، و فورات السّعير، و سورات الزّفير، لا فترة مريحة، و لا
دعة مزيحة، و لا قوّة حاجزة، و لا موتة ناجزة، و لا سنة مسلية، بين أطوار الموتات،
و عذاب السّاعات، إنّا باللّه عائذون.
اللغة
(الشّغف)
بضمتين جمع شغاف كسحاب و هو غلاف القلب و (الدّهاق) بالدال المهملة من دهق الماء
أفرغه إفراغا شديدا، و في بعض النّسخ دفاقا من دفق الماء دفقا من باب قتل انصب
لشدّة و يقال أيضا دفقت الماء أي صببته يتعدّى فهو دافق و مدفوق، و أنكر الأصمعي
استعماله لازما قال: و أمّا قوله تعالى من ماء دافق فهو على اسلوب أهل الحجاز و هو
أنّهم يحوّلون المفعول فاعلا إذا كان في موضع نعت و المعنى من ماء مدفوق، و قال
ابن القوطبة ما يوافقه سرّ كاتم أى