فجاء معاوية و عبد اللّه بن عامر حتّى
وقفا عليه فالقى عبد اللّه عمامته على وجهه و ترحّم عليه و كان له أخا و صديقا من
قبل، فقال معاوية: اكشف عن وجهه فقال: لا و اللّه لا يمثل به و فيّ روح، فقال
معاوية: قد وهبناه لك فكشف عن وجهه فقال معاوية:
هذا كبش
القويم و ربّ الكعبة اللهمّ أظفرني بالاشتر النخعي و الأشعث الكندى.
قال نصر
فاستعلا أهل الشّام عند قتل ابن بديل على أهل العراق يومئذ و انكشف أهل العراق من
قبل الميمنة و اجفلوا اجفالا[1] شديدا فأمر
عليّ 7 سهل بن حنيف فاستقدم ممن كان معه ليرفد الميمنة و يعضدها،
فاستقبلهم جموع أهل الشام في خيل عظيمة فحملت عليهم فالحقتهم بالميمنة، و كانت
ميمنة أهل العراق متّصلة بموقف عليّ في القلب في أهل اليمن، فلما انكشفوا انتهت
الهزيمة إلى عليّ فانصرف يمشي نحو الميسرة.
روى نصر عن
زيد بن وهب قال: لقد مرّ عليّ 7 يومئذ و معه بنوه و إنّي لأرى النبل
يمرّ بين عاتقه و منكبه و ما من بنيه إلّا من يقيه بنفسه فيكره عليّ ذلك فيتقدّم
عليه و يحول بينه و بين أهل الشّام و يأخذ بيده إذا فعل ذلك فيلقيه من ورائه، و
بصربه أحمر مولى بني أمية و كان شجاعا، فقال علي «لعلي ظ» و ربّ الكعبة قتلني
اللّه إن لم اقتلك، فاقبل نحوه فخرج إليه كيسان مولى عليّ فاختلفا ضربتين فقتله
أحمر و خالط عليّا ليضربه بالسّيف فمدّيده 7 إلى جيب درعه فجذبه عن
فرسه، و حمله على عاتفه و اللّه لكأنى أنظر إلى رجلى أحمر يختلفان على عنق عليّ
7 ثمّ ضرب به الأرض فكسر منكبه و عضديه و شدّ ابنا عليّ 7
حسين و محمّد، فضرباه بأسيافهما حتّى برد فكأنّي أنظر إلى عليّ قائما و شبلاه
يضربان الرّجل حتى إذا أتيا عليه أقبلا على أبيهما و الحسن قائم معه فقال له عليّ:
يا بنيّ ما منعك أن تفعل كما فعل أخوك فقال كفيانى يا أمير المؤمنين.
قال ثمّ إنّ
أهل الشّام دنوا منه يريدونه و اللّه ما يزيده قربهم منه و دنوّهم سرعة في مشيه،
فقال له الحسن: ما أضرّك لو أسرعت حتّى تنتهى إلى الذين صبروا