ألا و إنّ من أعجب العجايب ان معاوية بن
أبي سفيان الاموي و عمرو بن العاص السّهمي أصبحا يحرّضان على طلب الدّين بزعمهما،
و لقد علمتم أنّى لم أخالف رسول اللّه 6 قط، و لم أعصه في أمر
قط، أقيه بنفسي في المواطن التي تنكص فيها الأبطال، و ترعد منها الفرائض بنجدة
أكرمنى اللّه سبحانه بها و له الحمد.
و لقد قبض
رسول اللّه 6 و إنّ رأسه لفى حجري، و لقد و ليت غسله بيدي و
حدي يقبله الملائكة المقرّبون معي، و أيم اللّه ما اختلف أمّة بعد نبيّها إلّا ظهر
أهل باطلها على أهل حقّها إلّا ما شاء اللّه.
قال أبو
سنان. فاشهد لقد سمعت عمّار بن ياسر يقول: أما أمير المؤمنين فقد أعلمكم إنّ الامة
لم تستقم عليه أوّلا، و لن تستقيم عليه آخرا.
قال نصر: قال
زيد بن وهب: إنّ عليّا 7 قال في هذه اللّيلة: حتّى متى لا نناهض القوم
بأجمعنا، فقام في النّاس عشيّة الثلثاء بعد العصر فقال:
الحمد للّه
الذي لا يبرم ما نقض، و لا ينقض ما أبرم، و لو شاء ما اختلف اثنان من هذه الامة، و
لا من خلقه، و لا تنازع البشر في شيء من أمره، و لا جحد المفضول ذا الفضل فضله، و
لقد ساقتنا و هولاء القوم الأقدار حتّى لفّت بيننا في هذا الموضع و نحن من ربّنا
بمرئى و مسمع، و لو شاء لعجل النقمة و لكان منه التّغير حتّى يكذب اللّه الظالم و
يعلم الحقّ أين مصيره، و لكنّه جعل الدّنيا دار الأعمال، و جعل الآخرة دار الجزاء
و القرار، ليجزى الذين أساؤا بما عملوا و يجزى الذين أحسنوا بالحسنى.
ألّا إنّكم
لاقوا العدّو غدا إنشاء اللّه فأطيلوا اللّيلة القيام، و أكثروا تلاوة القرآن، و
اسألوا اللّه الصّبر و النّصر، و القوهم بالجدّ و الحزم، و كونوا صادقين.
قال: فوثب
النّاس إلى رماحهم و سيوفهم و نبالهم يصلحونها، و خرج 7 فعبى النّاس
ليلته تلك كلها حتّى أصبح، و عقد الألوية و أمر الامراء و بعث إلى أهل الشّام
مناديا ينادى اغدوا على مصافكم، فضجّ أهل الشّام في معسكرهم و اجتمعوا إلى معاوية
فعبى خيله و عقد ألويته و أمر امرائه و كتب كتائبه، و كان أهل الشّام