أكثر من أهل العراق بالضّعف، و نصب
لمعاوية منبر فقعد عليه في قبّة ضربها ألقى عليها الثياب و الارائك و أحاط به أهل
اليمن، و قال لا تقربنّ هذا المنبر أحد لا تعرفونه إلّا قتلتموه كائنا من كان.
ثمّ تناهض
القوم سادس صفروا قتلوا إلى آخر نهارهم و انصرفوا عند المساء و كلّ غير غالب، فأما
اليوم السّابع فكان القتال فيه شديدا و الخطب عظيما، و كان عبد اللّه بن بديل
الخزاعي على ميمنة العراق، فزحف نحو حبيب بن مسلمة و هو على مسيرة أهل الشّام حتّى
اضطرهم إلى قبّة معاوية وقت الظهر.
قال نصر: و
حدّثنا عمر بن سعد عن عبد الرّحمن بن أبي عمرو عن أبيه أنّ عليّا خطب هذا اليوم
فقال: معاشر النّاس استشعروا الخشية و تجلببوا السّكينة إلى آخر ما مر في المتن.
و روى نصر
باسناده المذكور أيضا أنّه خطب ذا اليوم و قال: أيّها الناس إنّ اللّه تعالى ذكره
قد دلكم على تجارة تنجيكم من العذاب، و تشفى بكم على الخير، ايمان باللّه و رسوله
و جهاد في سبيله، و جعل ثوابه مغفرة الذّنوب و مساكن طيّبة في جنات و رضوان من
اللّه أكبر و أخبركم بالذي يحبّ فقال: إنّ اللّه يحبّ الذين يقاتلون في سبيله صفّا
كأنهم بنيان مرصوص فسووا صفوفكم كالبنيان المرصوص و قدموا الدراع و أخروا الحاسر[1] و عضّوا على الأضراس فانّه أنبا
للسّيوف عن الهام، و أربط للجاش و أسكن للقلوب و أميتوا الأصوات فانّه أطرد للفشل
و اولى بالوقار و التووا في أطراف الرّماح فانّه امور للاسنّة و رايتكم فلا
تميلوها و لا تزيلوها و لا تجعلوها إلّا بأيدى شجعانكم المانعي الذّمار[2] و الصّبر عند نزول الحقائق أهل
الحفاظ الذين يحفون برايتكم و يكتنفونها، يضربون خلفها و أمامها و لا تضيّعوها.
و هلّا أجزء
كلّ أمره مسلم منكم قرنه و واسا أخاه بنفسه، و لم يكل قرنه إلى
[1] الحاسر من لا مغفر له و لا درع له و لا جنة له، ق