(قد
هتكت الهوام جلدته و ابلت النّواهك جدته) أى قطع هو ام الأرض
جلده و صار طعمة للعقارب و الحيّات و الحشرات الموذيات و اخلقت مبالغات الدّهر
التي أجهدته و أضننته و هزلته جدته و نضرة شبابه، فصار خلقا باليا بعد ما كان جديد
اغضيضا طريّا بمصائب الدّهر و نوائبه و أوصابه و أتعابه
(و عفت) الرّياح
(العواصف آثاره و محى) النوائب و
(الحدثان معالمه) فلم يبق في وجه الارض منه خبر و لا عن قبره
عين و لا أثر، حيث فقدته العيون و توالت عليه السّنون
(و صارت الأجساد شحبة) متغيّرة هزلة
(بعد بضّتها) و نعومتها و امتلائها
(و العظام نخرة) بالية متفتتة
(بعد قوّتها) و شدّتها
(و الأرواح مرتهنة) مقبوضة
(بثقل أعمالها) و أحمالها كما قال تعالى:
كُلُّ
امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ.
أى محبوس
بعمله حتّى يعامل بما يستحقّه و يجازي بما عمله إن عمل طاعة اثيب و إن عمل معصية
عوقب، و في سورة المدّثر كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحابَ
الْيَمِينِ قال الطبرسيّ: أى مرهونة بعملها محبوسة به مطالبة بما كسبته من طاعة
أو معصية، فالرّهن أخذ الشيء بأمر على أن لا يرد إلّا بالخروج منه فكذلك هؤلاء
الضّلال قد اخذوا برهن لافكاك له، و الكسب هو كلّ ما يجتلب به نفع أو يدفع به