كعذاب القبر و طول الحساب و خطر الصراط و
ساير ما بين يدي الانسان من الأهوال على ما وردت في الأخبار.
المرتبة
الثانية أن يكون المرغوب فيه اللذائذ الموعودة و النعم الموجودة في الجنّة من
الحور و القصور و الأنهار و الأثمار و ساير ما أعدّت للمتقين و هذا زهد الراجين
فانّهم لم يتركوا الدنيا قناعة بالعدم و خلاصا من الألم و إنّما تركوها رغبة في
وجود دائم و طمعا في نعمة غير منقطعة.
المرتبة
الثالثة أن لا يكون له رغبة إلّا في اللّه و في لقائه فلا يكون له توجّه إلى
الآلام ليقصد الخلاص منها، و لا التفات إلى النعم ليقصد الفوز بها، بل هو مستغرق
الهمّ باللّه و هو الذي أصبح و همّه هم واحد، و هو الموحّد الحقيقي الذي لا يطلب
غير اللّه إذ طلب غيره سبحانه لا يخلو من شرك خفيّ.
و هذه
المرتبة مختصّة بالتّأمين في المحبة و الكاملين في مقام الرّضا، و ليس غرضهم إلّا
تحصيل الرّضوان و لا لهم نظر إلى الحور و القصور و ساير اللذائذ الموجودة في
الجنان لأنّ لذايذ الجنّة كلّها عندهم بالنسبة إلى لذّة الاستغراق و الفناء مثل
لذّة اللعب بالعصفور و الاستيلاء عليه بالنّسبة إلى لذّة الملك و الاستيلاء على
أطراف الأرض و رقاب الخلق، و الطالبون لنعيم الجنة عند أهل المعرفة و الكمال
كالصبىّ الطالب للّعب بالعصفور التارك للذّة السّلطنة و الملك من حيث قصوره عن
ادراك هذه اللذة و إلى هذه أشير في قوله: