و اما الثالث أعنى الانقسام بالنّسبة إلى
المرغوب عنه فنقول: إنّ الأقسام بالنّسبة إلى ذلك كثيرة غير محصورة إلّا أنّ هناك
مجامع محيطة بها إجمالا و هى أيضا متفاوتة المراتب بعضها أجمل و بعضها أشرح لآحاد
الأقسام و أقرب إلى التفصيل.
أمّا الاجمال
في الدّرجة الأولى فهو كلّ ما سوى اللّه فينبغى أن يزهد فيه حتّى يزهد في نفسه
أيضا.
و أمّا
الاجمال في الدّرجة الثّانية فهو أن يزهد في كلّ صفة للنّفس فيها تمتع و شهوة، و
هذا يتناول جميع مقتضيات الطبع من الشهوة و الغضب و الكبر و الرّياسة و المال و
الجاه و غيرها.
و أمّا
الاجمال في الدّرجة الثّالثة فهو أن يزهد في المال و الجاه و أسبابهما إذ إليهما
ترجع جميع حظوظ النّفس.
و أما
الاجمال في الدّرجة الرّابعة فهو أن يزهد في العلم و القدرة و الدّينار و الدرهم و
الجاه إذ الأموال و إن كثرت أصنافها فيجمعها الدّينار و الدرهم، و الجاه و إن كثرت
أسبابه فيرجع الى العلم و القدرة و أعنى به كلّ علم و قدرة يتعلّق بملك القلوب فانّ
المقصود بالجاه ملك القلوب و القدرة و الاستيلاء عليها مع الشّعور بذلك كما أنّ
المقصود بالمال ملك الأعيان و القدرة عليها، فان جاوزنا عن هذا التفصيل الاجمالي
إلى شرح و تفصيل أبلغ من ذلك يكاد يخرج ما فيه الزّهد عن الحصر، و قد ذكر اللّه
تعالى في آية واحدة سبعة منها فقال: