كانت العرب يجتمع بها في كل سنة و يقيمون
شهرا و يتبايعون و يتعاكظون أى يتفاخرون و يتناشدون الأشعار قال أبو ذويب:
اذا بنى القباب على عكاظ
و قام البيع و اجتمع الالوف
فلما جاء
الاسلام هدمه و أكثر ما كان يباع بها الأديم فنسب إليها و (العرك) الدلك و الحكّ و
عركه أى حمل عليه الشّر و عركت القوم في الحرب إذا ما رستهم حتّى اتعبتهم و
(النّوازل) المصائب و الشّدايد و (الزّلازل) البلايا.
الاعراب
المستفاد من
المطرزى في شرح المقامات أنّ الفعل في كأني بك محذوف، و الأصل كانّى ابصرك فزيدت
الباء بعد حذف الفعل، و قال الرّضيّ: و الأولى أن تبقى كان على معنى التّشبيه و لا
تحكم بزيادة شيء و تقول التّقدير كأنّي أبصر بك أى اشاهدك من قوله تعالى فبصرت به
عن جنب، و الجملة بعد المجرور بالباء حال أى كانّي أبصر بك يا كوفة حال كونك
ممدودة مدّ الأديم، و قوله تركبين على البناء للمجهول كالفعلين السّابقين أى
تجعلين مركوبة لها أو بها على أن تكون الباء للسّبيّة كالسّابقة.
المعنى
اعلم أنّ هذا
الكلام له 7 من جملة ما أخبر به عن المغيبات بيّن فيه حال الكوفة و حال
أهلها و تجاذب أيدى الظالمين، و تسلّطهم عليهم بالظلم و العدوان و في قوله تشبيه (كأنّي بك
يا كوفة) إشارة إلى أنّ المخبر به لا محالة واقع و وقوعه شاهد بعين اليقين (تمدّين
مدّ الأديم العكاظى) وجه الشّبه شدّة ما يقع بأهله من الظلم و البلاء كما أنّ
الاديم العكاظى مستحكم الدّباغ شديد المدّ (تعركين بالنّوازل و تركبين
بالزّلازل) أراد بهما الشّدايد و المصايب التي نزلت بأهل الكوفة و الظلم و
البلايا التي حلّت بها و أوجبت اضطراب أهلها، و هي كثيرة معروفة مذكورة في كتب
السّير و التواريخ.
و في قوله: (و إنّي
لأعلم) مؤكدا بانّ و اللّام و القسم إشارة إلى تحقّق وقوع المخبر به يعني
أنّه معلوم بعلم اليقين (أنّه ما أراد بك جبّار سوءا إلّا ابتلاه