قلت: و ما الهجر الثّلاث؟ قال: هاجرت مع
جعفر بن أبي طالب إلى أرض الحبشة، و هاجرت مع رسول اللّه 6
إلى المدينة، و هذه الهجرة مع عليّ بن أبي طالب إلى الكوفة فلم يزل مع عليّ حتّى
استشهد عليّ 7 فرجع أبو رافع إلى المدينة مع الحسن لا دار له بها و لا
أرض فقسّم له الحسن دار عليّ بنصفين و أعطاه سنخ أرض اقطعه إيّاها فباعها عبيد
اللّه بن رافع من معاوية بمأة ألف و سبعين ألفا و الأخبار في هذا المعنى من طريق
الخاصّة و العامّة كثيرة، و فيما ذكرناه كفاية.
ثمّ إنّه
7 بعد الاشارة إلى مصير مآل أمره مع معاوية إلى القتال، نبّه على بطلان
ما نسبه إليه معاوية و جعله عذرا لمخالفته و سببا لعصيانه له، و هو الطلب بدم
عثمان و تهمته له بذلك فقال: (انّه كان على الأمة وال) و هو عثمان
بن عفان (أحدث) في الدّين (احداثا) و أبدع بدعا (و أوجد
النّاس مقالا) أى أبدى لهم طريقا إليه باحداثه (فقالوا) في حقّه و
أكثروا القول في أحداثه (ثمّ نقموا فغيّروا) أى أنكروا و عتبوا و
طعنوا عليه فغيّروه و أزالوه و ينبغي تذييل المقام بامرين:
الاول
اعلم أنّ
الشّارح المعتزلي قد ذكر في شرح هذا الكلام حال أمير المؤمنين منذ قدم الكوفة بعد
وقعة الجمل إلى أن سار إلى صفّين، و قد أردت أن اذكر طرفا ملخّصا ممّا رواه ممّا
له ارتباط بالمقام و فيه توضيح للمرام باسقاط الزّوايد المستغني عنها حذرا من
الاطناب المملّ فأقول:
في الشّرح من
كتاب الصّفين لنصر بن مزاحم أنّ عليّا حين قدم من البصرة إلى الكوفة بعد انقضاء
أمر الجمل كاتب إلى العمّال فكتب إلى جرير بن عبد اللّه البجلي و كان عاملا لعثمان
على ثغر همدان كتابا مع زجر بن قيس، فلمّا قرء جرير الكتاب قام فقال: أيّها النّاس
هذا كتاب أمير المؤمنين و هو المأمون على الدّين و الدّنيا و قد كان من أمره و أمر
عدوّه ما يحمد اللّه عليه، و قد بايعه النّاس الأوّلون من المهاجرين و الأنصار و
التّابعين باحسان، و لو جعل هذا الأمر شورى بين المسلمين