كان أحقّهم بها، ألا و إنّ البقاء في
الجماعة و الفناء في الفرقة، و إنّ عليّا حاملكم على الحقّ ما استقمتم، فان ملتم
أقام ميلكم، فقال النّاس: سمعا و طاعة رضينا رضينا، نكتب جرير إلى عليّ جواب كتابه
بالطاعة قال نصر: و أقبل جرير سايرا من ثغر همدان حتّى ورد على عليّ الكوفة، فبايعه
و دخل فيما دخل فيه النّاس في طاعته و لزوم أمره، فلمّا أراد عليّ أن يبعث إلى
معاوية رسولا قال له جرير: ابعثني يا أمير المؤمنين إليه فأدعوه على أن يسلّم لك
الأمر و يجامعك على الحقّ على أن يكون أميرا من امرائك و أدعو أهل الشّام إلى
طاعتك فجلّهم قومي و أهل بلادي، و قد رجوت أن لا يعصوني، فقال له 7
الأشتر: لا تبعثه و لا تصدّقه فو اللّه إنّي لأظنّ هواه هواهم و نيته نيّتهم، فقال
له 7:
دعه حتّى
ننظر ما يرجع به إلينا، فبعثه عليّ و قال له حين أراد أن يبعثه إنّ حولي من أصحاب
رسول اللّه من أهل الرّأى و الدّين من قد رأيت و قد اخترتك لقول رسول اللّه 6 إنّ فيك من خير ذى يمن ائت معاوية بكتابي فان دخل فيما دخل فيه
المسلمون و إلّا فانبذ إليه و اعلمه أنّي لا أرضى به أميرا، و إنّ العامّة لا ترضى
به خليفة.
فانطلق جرير
حتّى أنى الشّام و نزل بمعاوية، فلمّا دخل عليه حمد اللّه، و أثنى عليه و قال:
أمّا بعد يا معاوية فانّه قد اجتمع لابن عمّك أهل الحرمين و أهل المصرين و أهل
الحجاز و أهل اليمن و أهل العروض، و العروض عمان، و أهل البحرين و اليمامة فلم يبق
إلّا هذه الحصون التي أنت فيها لو سال عليها سيل من أوديته غرقها و قد أتيتك أدعوك
إلى ما يرشدك و يهديك إلى مبايعة هذا الرّجل، و دفع إليه كتاب علىّ و يأتي ذكر هذا
الكتاب في باب المختار من كتبه 7 في الكتاب إنشاء اللّه فلمّا قرء
الكتاب قام جرير فحمد اللّه و أثنى عليه ثمّ قال، أيّها النّاس إنّ أمر عثمان قد
أعيى من شهده فما ظنكم بمن غاب عنه، و إنّ النّاس بايعوا عليّا غير واتر و لا
موتور، و كان طلحة و زبير ممّن بايعه ثمّ نكثا بيعته على غير حدث ألا و إنّ هذا
الدّين لا يحتمل الفتن، ألا و انّ العرب لا يحتمل السّيف، و قد كانت بالبصرة