تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ الثّاني ما أشار إليه بقوله (و غفلة من غير
ورع) أراد به غفلتهم عمّا يصلحهم من غير ورع يحجزهم عن المحارم
و ينبّههم عن نوم الغفلة.
الثّالث ما
أشار إليه بقوله (و طمعا في غير حقّ) لعله أراد به طمعهم في أن يوفر عطياتهم و
يمنحهم زيادة على ما كان يؤتيهم، و كأنّه عقل من بعضهم أنّ سبب تسويفهم و تخلّفهم
عن ندائه هو الطمع في التّوفير كما فعل معاوية و الخلفاء قبله خذلهم اللّه، فردعهم
عن ذلك بأنّه طمع من غير استحقاق هذا.
و روى في شرح
المعتزلي من كتاب الغارات لابراهيم الثّقفى أنّ عليّا دعا حجر بن عدىّ الكندي بعد
غارة الضحاك فعقد له على أربعة ألف فخرج حجر حتّى مرّ بالسّماوة و هي أرض كلب فلقى
بها امرء القيس بن عديّ بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم الكلبي و هم أصهار الحسين
بن عليّ بن أبي طالب فكانوا ولاءه في الطريق و على المياه فلم يزل في أثر الضّحاك
حتى لقاه بناحية ترمد فواقعه فاقتتلوا ساعة فقتل من أصحاب الضّحاك تسعة عشر رجلا،
و قتل من أصحاب حجر رجلان و حجز الليل بينهما، فمضى الضّحاك فلما أصبحوا لم يجدوا
له و لا لأصحابه أثرا، و كان الضّحاك يقول بعد، انا ابن قيس انا ابوانيس انا قاتل
عمرو بن عميس.
تكملة
قد اشرنا
سابقا إلى انّ هذه الخطبة مرويّة بطرق متعدّدة، و المستفاد من رواية الاحتجاج و
البحار من الارشاد انّها من الخطبة السّابعة و العشرين ملتقطة من خطبة طويلة له
7 و لا بأس بذكر تلك الرّواية زيادة للبصيرة.
فأقول: قال
في الاحتجاج و الارشاد على ما رواه من الأخير في البحار: و من كلام له 7 يجرى مجرى الاحتجاج مشتملا على التّوبيخ لأصحابه على تثاقلهم عن قتال
معاوية و التنفيذ متضمّنا للوم و الوعيد.
أيّها النّاس
انّى استنفرتكم لجهاد هؤلاء القوم فلم تنفروا، و أسمعتكم فلم تجيبوا، و نصحت لكم
فلم تقبلوا شهودا بالغيب، أتلو عليكم الحكمة فتعرضون عنها،