و كيف كان
فأحمد الرّجلين (رجل و كله اللّه إلى نفسه) أى فوّض إليه أمره و
خلاه و نفسه و جعل و كوله و اعتماده عليها لظنّه الاستقلال في نفسه على القيام
بمصالحه و زعمه القدرة على تحصيل المراد و الوصول إليه بالرأى و القياس و
الاستحسانات الفاسدة التي لا أصل لها، و الرّوايات التي لم تؤخذ من مأخذها فلا جرم
أفاض اللّه عليه صورة الاعتماد على نفسه فيما يريده من امور الدّين و قوانين
الشّرع المبين فلم يدر أنّه هلك في أىّ واد:
وَ مَنْ
يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ^ و حيث إنّه كان اعتماده عليه (فهو جائر
عن قصد السّبيل) و مائل عن طريق الحقّ و ضالّ عن الصّراط المستقيم و واقع في طرف
الافراط من فضيلة العدل قريب من الشّر بعيد عن الخير كما ورد في بعض الأدعية: و لا
تكلني إلى نفسي طرفة عين، فانك ان وكلتني إلى نفسى تقربني من الشرّ و تباعدني من
الخير.
و سرّ ذلك
أنّ النّفس بالذّات مايلة إلى الشرّ فاذا سلبت عنها أسباب التوفيق و الهداية تاهت
في طريق الضلالة و الغواية (مشغوف بكلام بدعة و دعاء ضلالة) أى دخل حبّ
كلام البدعة و دعوته النّاس إلى الضلالة شغاف قلبه أى حجابه أو سويداه و على كونه
بالعين المهملة فالمعنى أنّه غشى حبّها قلبه من فوقه إذ الشّعفة من القلب رأسه عند
معلّق النّياط، و هو عرق علق به القلب إذا انقطع مات صاحبه، و على أىّ تقدير
فالمقصود به كونه أشدّ حبّا و أفرط ميلا إلى كلامه الذي لا أصل له في الدّين و
دعوته المضلّة عن نهج اليقين، فهو من الأخسرين أعمالا الذين ضلّ سعيهم في الحيوة
الدّنيا فهم يحسبون أنّهم بحسنون صنعا.
كما قال رسول
اللّه 6: كلّ بدعة ضلالة و كلّ ضلالة في النّار و عنه
6 أيضا في رواية الكافي: أبى اللّه لصاحب البدعة
بالتّوبة، قيل: يا رسول اللّه و كيف ذلك؟ قال: إنّه قد اشرب قلبه حبّها