قال: يا أبا بحر إنك لن تدرك ذلك الزّمان
و انّ بينك و بينه لقرونا و لكن ليبلغ الشّاهد منكم الغائب عنكم لكي يبلغوا
إخوانهم إذا هم رأوا البصرة قد تحوّلت أخصاصها[1]
دورا و آجامها قصورا فالهرب الهرب فانّه لا بصرة لكم يومئذ.
ثمّ التفت عن
يمينه فقال: كم بينكم و بين الأبلّة؟[2] فقال له
المنذر بن الجارود فداك أبي و امّي أربعة فراسخ قال له: صدقت فو الذي بعث محمّدا و
آله و أكرمه بالنّبوّة و خصّه بالرّسالة و عجّل بروحه إلى الجنّة لقد سمعت منه كما
تسمعون منى أن قال لي: يا عليّ هل علمت أنّ بين التي تسمى البصرة و تسمى الابلّة
أربعة فراسخ و سيكون في التي تسمّى الابلة موضع أصحاب العشور يقتل في ذلك الموضع من
امّتي سبعون ألفا شهيدهم يومئذ بمنزلة شهداء بدر.
فقال له
المنذر: يا أمير المؤمنين و من يقتلهم فداك أبي و أمّي؟ قال: يقتلهم اخوان الجنّ و
هم جيل[3] كأنّهم
الشّياطين سود ألوانهم منتنة أرياحهم[4]
شديد كلبهم[5] قليل
سلبهم طوبى لمن قتلهم و طوبى لمن قتلوه، ينفر لجهادهم في ذلك الزّمان[6] قوم هم أذلة عند المتكبرين من أهل
ذلك الزّمان، مجهولون في الأرض معروفون في السّماء تبكى السّماء عليهم و سكانها و
الأرض و سكانها.