راجعة إلى الطوايف الثلاث: النّاكثين و
المارقين و القاسطين و هو الأقرب لفظا و الانسب معنى و الأظهر لمن تدبّر، أو إلى
الخلفاء الثلاثة على ما استظهره المحدّث المجلس (قده) معلّلا بأنّ الغرض من الخطبة
ذكرهم لا الطوايف، و بأنّه المناسب لما بعد الآية لا سيّما في سمعوها، و وعوها،
ضمير الجمع.
بقى الكلام
في معني الآية الشّريفة و بعض ما تضمّنها من النكات و اللطايف فأقول: المشار إليها
في الآية هي الجنّة، و الاشارة إلى التعظيم و التفخيم، يعني تلك التي سمعت بذكرها
و بلغك وصفها، و المراد بالعلوّ في الأرض هو التّجبر و التكبّر على عباد اللّه و
الاستكبار عن عبادة اللّه، و بالفساد الدّعاء إلى عبادة غير اللّه أو أخذ المال و
قتل النّفس بغير حقّ أو العمل بالمعاصي.
و روى في
مجمع البيان عن راوان[1] عن أمير
المؤمنين 7 أنّه كان يمشي في الأسواق وحده و هو دالّ يرشد الضّال و
يعين الضّعيف و يمرّ بالبيّاع و البقال فيفتح عليه القرآن و يقرأ: تلك الدّار
الآخرة نجعلها للّذين لا يريدون علوّا في الأرض و لا فسادا، و يقول: نزلت هذه
الآية في أهل العدل و التّواضع من الولاة و أهل القدرة من ساير النّاس.
و في غاية
المرام عن أبي الحسن الفقيه ابن المغازلي الشّافعي في مناقبة باسناده عن زاوان
أيضا قال: رأيت عليّا 7 يمسك الشّسوع بيده ثمّ يمرّ في الأسواق فيناول
الرّجل الشّسع و يرشد الضّالّ و يعين الحمّال على الحمولة و يقرأ هذه الآية:
تلك الدّار
الآخرة الآية، ثمّ يقول: هذه الآية نزلت في الولاة و ذوي القدرة من النّاس.
و في مجمع
البيان عن أبي سلام الأعرج عن أمير المؤمنين 7 قال: إنّ الرّجل ليعجبه
شراك نعله فيدخل في هذه الآية، و قريب منه ما في الكشّاف، قال الطبرسي: يعني انّ
من تكبّر على غيره بلباس يعجبه فهو ممّن يريد علوّا في الأرض و قيل: إنّ الآية لما
كانت بعد قصّة قارون و قبل قصّة فرعون، كان العلوّ إشارة
[1] كذا في النسخة في المقامين و الصحيح« زاذان» بالزاء و الذال
المعجمتين كان من خواص امير- المؤمنين« ع» و كان حافظا للقرآن باعرابه و همزه بعد
ما تكلم على« ع» بكلام في اذنه، و تفل فى فيه.« المصحح».