المتقين و قائد العزّ المحجلين و قاتل
النّاكثين و القاسطين و المارقين، قلت:
يا رسول
اللّه من النّاكثون؟ قال: الذين يبايعونه بالمدينة و ينكثون بالبصرة، قلت:
من القاسطون؟
قال: معاوية و أصحابه من أهل الشّام، قلت: من المارقون؟ قال:
أصحاب
النّهروان، فقال مولى امّ سلمة فرّجت عني فرّج اللّه عنك و اللّه لا سببت عليّا
أبدا، هذا.
و الأخبار في
هذا المعنى كثيرة يأتي في مواقعها إنشاء اللّه، تشبيه ثم انّه 7 شدّد
النكير على الجماعة في مخالفتهم له و إعراضهم عنه بقوله: (كانّهم لم يسمعوا
اللّه تعالى يقول: تلك الدّار الآخرة نجعلها للّذين لا يريدون علوّا في الأرض و لا
فسادا و العاقبة للمتقين) لما كانت الآية دالة على كون استحقاق الآخرة
معلقا على عدم إرادة العلوّ و الفساد كان اللّازم على من سمعها و تدبر فيها إن كان
ذا عقل أن لا يريدهما، و هؤلاء الجماعة لما علوا في الأرض و أفسدوا فيها و خالفوا
الامام العادل و تركوا متابعته لا جرم شبّههم بمن لم يسمعها لما ذكرنا من أن لازمة
السّماع ترك إرادتهما.
ثمّ دفع توهم
الاعتذار عنهم بعدم السّماع لو اعتذر به بقوله: (بلى و اللّه لقد
سمعوها و وعوها) مؤكدا بالقسم و اللّام و كلمة التّحقيق، ثمّ استدرك ذلك بالاشارة
إلى سرّ عدم حصول ثمرة السّماع بعد حصول نفسه بقوله: (و لكنّهم حليت
الدّنيا في أعينهم وراقهم زبرجها) فكان ذلك هو المانع عن ترتّب ثمرة السّماع
عليه و الباعث على إعراضهم عن الدّار الآخرة و السّبب لاشترائهم الضّلالة بالهدى و
لسعيهم في الأرض بالعلوّ و الفساد.
و حاصل
الكلام أنّ سماع الآية مقتض لعدم إرادة العلوّ و الفساد و يترتّب عليه مقتضاه لو
لم يصادف وجود المانع، و أمّا مع المصادفة له كما فى حقّ هؤلاء الجماعة حيث
افتتنوا بالدنّيا و أعجبهم ذهبا و زينتها فيبقى المقتضي على اقتضائه و لا يترتّب
عليه آثاره هذا.
و الضّماير
الأربعة في قوله: و لكنّهم، و لم يسمعوا، و سمعوا، و وعوا إمّا،