الايمان نور
يتشعشع في قلب الإنسان و يضيء على جميع حواسّه و أعضائه فيلمع من كلّ منها ما
يقتضيه، فالعقل يتنوّر به و يفهم الحقائق الالهية و المسائل الكونية، و الوهم و
الخيال ينكمشان من الصور الزائغة و الأباطيل، و أعضاء البدن تشتغل بالأعمال
الخيرية الّتي تشع على الجامعة الانسانية بالفوائد و السرور و الراحة و الازدهار و
يتجلّي الانسان في ضوئه ملكا روحانيّا سماويّا و إن كان جثمانا أرضيّا مادّيا و
بيّن 7 سعة افقه و مدّ أضوائه إلى ما وراء الحسّ و المادّة و ما وراء
أشعّة فوق بنفش.
فالكفر
يقابله من جميع نواحيه لأنّ الكفر في الحقيقة فقدان
هذا النّور الساطع و ظلمات بعضها فوق بعض و لا امتياز في الظلمة و العدم إلّا
باعتبار درك ما يقابله من النّور، فالكفر بجميع دعائمه و شعبه اعدام ملكات يدرك من
ناحية عدم النّور اللائق في محلّه كما يعين على فهم النّور الّذي يقابله، فلو لم
يكن في العالم ظلمة أصلا كان فهم الضوء و النور صعبا جدّا لو لم يكن متعذّرا رأسا.
فتدعيم الكفر
على هذه الدعائم و تشعبه بهذه الشعب عرضي باعتبار الملكات
النورية الايمانية، فالتعمق و التنازع و الزيغ و الشقاق، تقابل الصبر و
اليقين و العدل و الجهاد الّتي هي دعائم الإيمان بوجه ما، فيقال:
المراد من التعمّق هنا عدم
الثبات و الاستقامة على ما هو مقتضى الفطرة من الاعتقاد بالصانع و الانقياد له
بالعبودية و الطاعة الّذي عليه مدار دعوه الرّسل فالمتعمّقون هم المعاندون لدعوة
الرّسل و المقترحون عليهم ما لا ينبغي، كما أنّ المشركون يواجهون النبيّ 6 بقولهم لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ
أَوْ نَرى رَبَّنا 21- الفرقان» أو بقولهم: لَنْ نُؤْمِنَ
لَكَ^ ...- أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا
كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ قَبِيلًا و كما أنّ عامة
المنكرين للمعاد و ما يعرض للعباد بعد الموت يقولون: لم نر ميّتا قام من مرقده
معذّبا، و حكى عن نجز احد كبار الالمان المنكر للمبدأ بأنه لو كان وجود لإله حيّ
قادر كما اعتقده الإلهيّون أعلن نفسه