(351) و
قال 7: العلم مقرون بالعمل: فمن علم عمل، و العلم يهتف بالعمل فإن
أجابه و إلّا ارتحل عنه.
المعنى
قد ذكرنا
سابقا أنّ العلم الحقيقى ما تأثّر به النفس حتّى سار وجدانا له كمن علم أنّ النار
حارّة و السمّ قاتلة، فلا يفارق هذا العلم من العمل، و لا يمسّ الانسان عادة
النار، و لا يشرب السمّ.
و علم الدّين
إذا صار وجدانا لصاحبه و وصل إلى مرحلة اليقين يكون على هذا الوجه.
و قد روى في
اصول الكافي في باب حقيقة الايمان بسنده عن إسحاق بن عمّار قال:
سمعت أبا عبد
اللَّه 7 يقول: إنّ رسول اللَّه 6 صلّى بالناس
الصّبح فنظر إلى شاب في المسجد و هو يخفق و يهوي برأسه مصفرّا لونه، قد نحف جسمه،
و غارت عيناه في رأسه، فقال له رسول اللَّه 6: كيف أصبحت يا
فلان؟ قال: أصبحت يا رسول اللَّه موقنا، فعجب رسول اللَّه 6
من قوله، و قال: إنّ لكلّ يقين حقيقة فما حقيقة يقينك؟ فقال: إنّ يقيني يا رسول
اللَّه هو الّذي أحزننى و أسهر ليلى و أظمأ هواجري فعزفت نفسي عن الدّنيا و ما
فيها حتّى كأنّي أنظر إلى عرش ربّي و قد نصب للحساب و حشر الخلائق لذلك و أنا
فيهم، و كأنّي أنظر إلى أهل الجنّة يتنعّمون في الجنّة و يتعارفون على الأرائك
متكئون، و كأنّي أنظر إلى أهل النّار و هم فيها معذّبون مصطرخون، و كأنّى الان
أسمع زفير النّار يدور في مسامعى، فقال رسول اللَّه 6
لأصحابه: هذا عبد نوّر اللَّه قلبه بالايمان ثمّ قال له: الزم ما أنت عليه، فقال
الشاب: ادع لى يا رسول اللَّه أن ارزق الشهادة معك، فدعا له رسول اللَّه 6 فلم يلبث أن خرج في بعض غزوات النّبي 6
فاستشهد بعد تسعة