(182) و
قال 7: إنّما المرء في الدّنيا غرض تنتضل فيه المنايا و نهب تبادره
المصائب، و مع كلّ جرعة شرق، و في كلّ أكلة غصص، و لا ينال العبد نعمة إلّا بفراق
أخرى، و لا يستقبل يوما من عمره إلّا بفراق آخر من أجله، فنحن أعوان المنون، و
أنفسنا نصب الحتوف، فمن أين نرجو البقاء و هذا اللّيل، و النّهار لم يرفعا من شيء
شرفا إلّا أسرعا الكرّة في هدم ما بنيا، و تفريق ما جمعا؟!.
اللغة
(انتضلت)
سهما من المنايا أي اخترت. و (شرق) بريقه إذا غصّ به من باب تعب و الشرق: الغصّة،
و (الغصّة): الشجى في الحلق و الجمع غصص. و (المنون) المنيّة لأنها تقطع المدد و
تنقص العدد (الحتف): الموت، و الجمع حتوف- مجمع البحرين.
الاعراب
إلّا بفراق
اخرى استثناء مفرّغ. آخر، غير منصرف. مجاز لم يرفعا من شيء و أسرعا، الاسناد
فيهما مجازي.
المعنى
تشبيه [إنّما
المرء في الدّنيا غرض تنتضل فيه المنايا ...] شبّه الانسان بهدف لأنواع الموت،
فيموت بما اختار اللَّه له من الأسباب و المصائب تحوط به و تصول
إليه، كمن يريد نهب متاع من يد صاحبه، و كلّ جرعة يشربه مصاحب
مع كدورة تنغصّه عليه، و مع كلّ أكلة بليّة تعصر على حلقه
كالشجي أو يريد أنّ الانسان في كلّ جرعة معرض للشرق، و في كلّ أكلة معرض للغصّة
فلا يتهيّأ له شراب و لا طعام في هذه الدّنيا، و لا ينال
نعمة إلّا بفراق اخرى، فان وجد