فدونكم الاخر فتمسّكوا به: أمّا الأمان
الّذي رفع فهو رسول اللَّه- 6- و أمّا الأمان الباقي فالاستغفار
قال اللَّه تعالى:
وَ ما كانَ
اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ
هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ- 23 الأنفال-. قال الرّضيّ رحمه اللَّه: و هذا من محاسن
الاستخراج و لطائف الاستنباط.
قال الشارح
المعتزلي بعد نقل تفسير هذه الاية:
ثمّ قال «و ما لهم
أن لا يعذّبهم اللَّه» أى و لأيّ سبب لا يعذّبهم اللَّه مع وجود ما
يقتضي العذاب و هو صدّهم المسلمين و الرّسول عن البيت في عام الحديبيّة و هذا يدلّ
على أنّ ترتيب القرآن ليس على ترتيب الوقائع و الحوادث، لأنّ سورة الأنفال نزلت
عقيب وقعة بدر في السّنة الثانية من الهجرة، و صدّ الرسول عن البيت كان في السّنة
السادسة، فكيف يجعل آية نزلت في السّنة السادسة في سورة نزلت في السّنة الثانية، و
في القرآن كثير من ذلك و إنما رتّبه قوم من الصحابة في أيّام عثمان.
أقول: و في
كلامه موارد للنظر:
1- ترتيب
القرآن ليس على ترتيب الوقائع و الحوادث، غير واضح المعنى و لا يلائم مع ما فرّعه
عليه، و لعلّ غرضه أنّ ترتيب القرآن ليس على ترتيب النزول.
2- أنّ صدّ
المسلمين عن البيت ممّا عزم عليه مشركو مكّة في صدر الهجرة، و الاية ينددهم على
هذه العزيمة، و لذا عبّر عنه بالفعل المضارع الدالّ على الاستمرار، و يؤيّده
الايات التالية المتعرّضة لكيفيّة صلاتهم عند البيت و إنفاق أموالهم في الصدّ عن
سبيل اللَّه.