و قد قام أمير المؤمنين 7 بعده بالتبشير و الإنذار
للعصاة و البغاة، و من رؤوسهم معاوية الّذي لم يؤثّر فيه إنذار الرسول 6 طيلة دعوته
بمكّة قبل الهجرة، فدام على كفره و وثنيّته حتّى فتح رسول اللّه مكّة المكرّمة و
وقع قريش مكّة الألدّاء في اسره، فامن هو و أبوه و أهله كرها و أسرّوا النفاق
دهرا، حتّى توفّى 6 فدبّروا و كادوا حتّى سادوا في الاسلام و
سلّط معاوية على بلاد الشام فقام عليّ
بإنذاره أداء لحقّ الوصاية و ذكّره باي من القرآن منها قوله تعالى:
و نبّهه على
أنّ الدنيا دار مجاز و دار امتحان و ابتلاء و الابتلاء على وجوه شتّى باعتبار
أحوال الناس، فجعل أحدنا حجّة على الاخر.
فأوّلت القرآن في طلب
الدنيا، قال الشارح المعتزلي: «و تأويل القرآن ما كان معاوية يموه به على
أهل الشام فيقول لهم: أنا وليّ دم عثمان، و قد قال اللّه تعالى: وَ مَنْ
قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي
الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً 33 الاسراء.
و قال ابن
ميثم: تأويل القرآن كقوله تعالى: يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى 178- البقرة
و غيرها من الايات الدالّة على وجوب القصاص، فتأوّل بادخال نفسه فيها و طلب القصاص
لعثمان و إنّما كان دخوله في ذلك بالتأويل، لأنّ الخطاب خاصّ بمن قتل و قتل منه و
معاوية بمعزل من ذلك إذ لم يكن من أولياء دم عثمان ففسّر الاية بالعموم ليدخل
فيها.
و برّأ 7 نفسه من الاشتراك في قتل عثمان يدا و لسانا و قد اتّهمه معاوية بذلك و جعله
وسيلة لتحريض أهل الشام بالحرب معه 7 و أمره بترك هذا
البهتان و الدفاع تجاه الشيطان بنزع قياده من الهوى و الشهوات و التوجّه إلى
الاخرة و حذّره من العقوبة في الدنيا بحيث تصل إلى أصله و تقطع نسله كما
وقع بعد ذلك من قطع نسل بنى اميّة و محوهم عن الجامعة البشريّة.