1- أمر
بالوفاء بالعهد و
الذمّة وفاء كاملا يحوط به من كلّ ناحية و رعاية الذّمة إلى حيث
يضحّى بنفسه في سبيل الوفاء و
رعاية الذمّة مع أنها تنعقد مع غير المسلم، و أشار إلى أنّ
الوفاء بالعهد فريضة إلهيّة يجب رعايتها و الالتزام بها و
وديعة بشريّة اتفقت الشعوب و الملل راقيها و متأخّرها على الالتزام بها حتّى
المشركين المنكرين للدّين، حيث أنهم يخافون من عاقبة
الغدر، فيقول 7:
(فلا تغدرنّ بذمّتك و لا تخيسنّ بعهدك، و لا تختلنّ عدوّك)
لأنّ الغدر و نقض العهد و المخادعة بعد
التعهّد ظلم و لو كان الطّرف كافرا و لا يرتكبه إلّا
جاهل شقيّ.
و نبّه على
أن اتفاق بني الإنسان على رعاية العهود و الذّمم نظم إلهي و إلهام فطرى أوحى إليهم
من حيث لا يشعرون لحفظ الأمن و النظام و اللازم لبقاء البشر فهو رحمة اللّه الّتي
فاضت في كافّة العباد كالرزق المقدر لهم ليسكنو إلى منعة حريمها و ينتشروا
في جوارها وراء ماربهم و مكاسبهم.
2- أمره
بالسّعي في صراحة ألفاظ المعاهدة و وضوح النّصوص المندرجة فيها بحيث لا تكون
ألفاظها و جملها مبهمة و مجملة، قابلة للترديد و التأويل، و نهى عن التمسّك بخلاف
ظاهر ألفاظ المعاهدة بعد التأكيد و التوثيق لنقضها إذا طرء
الصّعوبة على إجرائها، و قال 7 (و لا يدعونّك ضيق أمر لزمك فيه عهد
اللّه إلى طلب انفساخه بغير الحقّ) و علّله 7 بأنّ الصّبر على
الصّعوبة النّاشئة من الوفاء بالعهد متعقّب بالفرج و حسن العاقبة و هو خير من
الغدر الّذي يخاف تبعته بانتقام من نقض عهده في الدّنيا و
بعقوبة اللّه على نقض العهد المنهيّ عنه في غير آية من القرآن في
الاخرة.
و ممّا ينبغي
تذكّره هنا ما وقع لرسول اللّه 6 في معاهدة حديبيّة مع قريش،
قال ابن هشام في سيرته «ص 216 ج 2 ط مصر».
فبينا رسول
اللّه 6 يكتب الكتاب هو و سهيل بن عمرو إذا جاء أبو جندل ابن
سهيل بن عمرو يوسف في الحديد، قد انفلت إلى رسول اللّه 6، و
قد كان أصحاب رسول اللّه 6 حين خرجوا و هم لا يشكّون في الفتح
لرؤيا رآها رسول اللّه