لما اصطفّ المسلمون مع قريش في احد فكّر
النّبي 6 في إمكان هجوم خيّالة قريش من وراء عسكر الإسلام و
محاصرتهم حتّى بعد انهزامهم، فوكّل عبد اللّه بن جبير في ستّين نفرا من رماة
الإسلام على جبل الرّماة و وصّاهم بالمقام هناك و حفظ خلف صفوف المسلمين و أكّد
لهم مزيد التأكيد و وعدهم بمزيد من سهم الغنيمة.
و لمّا انهزم
المشركون في الهجوم الأوّل لجيش الإسلام و شرعوا بالفرار غرّ أصحاب عبد اللّه و لم
يطيعوه و أخلّوا مقامهم، فانتهز خالد بن وليد قائد خيّالة قريش هذه الفرصة و دار
بالخيّالة وراء صفوف المسلمين و حاصرهم فوقع الانهزام في صفوف المسلمين و قتل أكثر
من سبعين من أبطال الإسلام و اصيب النبيّ 6 بجراحات عظيمة كاد
أن يقضى عليه لو لا نصر اللّه و تأييده.
و الصّلح
دورة ينضب شعلة الحرب تحت الرّماد فلا بدّ من الحذر و اليقظة
التامّة من مكائد العدوّ الكاشر باسنانه الحاقد بقلبه.
و قد تقدّم
الاسلام في أيام بني عثمان تقدّما ظاهرا في اروبا حتّى حاصر جيش الأسلام بلدة وينه
و لكن لما وقع عقد الصلح بين زعماء أروبا و بني عثمان كادوا و دبّروا حتى استولوا
على متصرفاته و ارجعوا سلطة الإسلام الرّهيبة قهقرى و شرحوا في ترسيم خطط لإغفال
المسلمين و تنويمهم بشتّى الوسائل حتّى غلبوا في القرن الثامن عشر و بعده على
كافّة نواحي الإسلام و فتحوا بلاد الإسلام فتحا اقتصاديا لا نظير له من قبل و
حازوا كلّ منابع ثروة المسلمين من المعادن، و حوّلوا بلادهم إلى أسواق تجارية لهم
و كبّلوهم برءوس الأموال الهائلة و سخّروهم من حيث يشعرون و من حيث لا يشعرون و
دام سلطتهم على أغلب المسلمين و أغلب بلادهم إلى عصرنا هذا، فيا لها من مصيبة
سبّبت إغواء شباب الإسلام و انحرافهم عن الإسلام.
زعم العواذل أنّني في غمرة
صدقوا و لكن غمرتي لا تنجلي
فلا بدّ من
الأخذ بالحزم و طرد حسن الظنّ تجاه العدوّ سواء في
حالة الحرب أو الصّلح، و الصّلح مع العدوّ غالبا ينتهى إلى عقد قرار بشروط معيّنة
فتوجّه 7 إلى ذلك و وصّى فيه بأمرين: