العقائد الاسلاميّة و يدرّ بهم للاصطفاف
تجاه العدوّ في ميادين الجهاد، فكانت جامعة الصلاة مدرسة للمعارف و تعليم النظامات
العسكريّة لكلّ مسلم، و لا يشغل منه إلّا مقدار ساعتين في كلّ يوم و ليلة، و يكون
له الفرصة الكافية أن يذهب وراء مشاغله و حرفه المعتادة.
2- جمع
الخراج من الدهاقين و الزارعين و يدخل في ضمنه الجزية المفروضة على أهل الكتاب
الداخلين في ذمّة الاسلام من اليهود و النصارى و المجوس، و هم الأكثرون عددا في
هذا العصر المشتغلون بأمر الزراعة و العمران في شتّى نواحي البلاد الاسلاميّة
الممتدّة من إفريقيا إلى حدود الصين، فكان شخصيّة الوالي هي النقطة الرئيسيّة في
استقامة نظم البلاد الاسلاميّة و صحّة مسير الاسلام نحو التقدّم و الازدهار و نحو
هدفه الاساسي الّذي هو هداية الناس كافّة كما قال اللّه تعالى:
وَ ما
أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَ نَذِيراً، 28- السبأ
و لا يوصل إلى هذا الهدف الرئيسي إلّا برعاية القوانين الاسلاميّة و بثّ العدل
الاسلامي و رعاية نوع البشر و إرائة طريق سعادته بالسيرة و العمل، فكان وظيفة
العامل ثقيلة و دقيقة، و من هذه الجهة أوصى لانتخاب العمّال بقوله
(فاستعملهم اختبارا).
قال في الشرح
المعتزلي «ج 17 ص 29 ط مصر»: و هم عمّال السواد و الصدقات و
الوقوف و المصالح و غيرها، فأمره أن يستعملهم بعد اختبارهم و تجربتهم و أن لا
يولّيهم محاباة لهم و لمن يشفع فيهم و لا إثرة و لا إنعاما
عليهم.
أقول: لا وجه
لاختصاص كلامه بصنف من العمّال، بل المقصود منه مطلق العمّال و من يلي أمر ناحية
من البلاد، و الاثرة هو إظهار المحبّة لأحد أو التعطّف له لتودّده أو حاجته أو غير
ذلك من الدواعي الخصوصيّة، و في نسخة ابن ميثم:
«فانّهم
جماع من الجور و الخيانة».
فالمقصود أنّ
العمّال الشاغلين للأعمال في زمان عثمان و من تقدّمه كانوا جمعا من شعب
الجور و الخيانة، فإنّ الخلفاء الّذين تقمّصوا الخلافة بغير حقّ و يخافون على مقامهم
من ثورة طلّاب الحقّ و يستعملون في أعمالهم من يوافقهم